المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ١١٥
من الراهن وكون فعل الدابة هدرا شرعا وإذا ارتهن ثوبا يساوى خمسة دراهم ومثقال ذهب يساوى عشرة دراهم بخمسة فهلك الذهب ولبس الثوب حتى تخرق أو بدأ بالثوب فلبسه قبل هلاك الذهب فقد سقط ثلثا الدين بهلاك الذهب لان الدين انقسم على قيمة الذهب وقيمة الثوب وحصة الذهب ثلثا الخمسة فذهب ذلك بهلاك الذهب ويضمن قيمة الثوب لأنه باللبس حتى تخرق صار غاصبا متلفا فيضمن قيمته يحسب له من ذلك ما كان منه وذلك ثلث الخمسة بطريق المقاصة ويؤدى ما زاد على ذلك إلى صاحب الثوب. ولو ارتهن عمامة تساوى نصف درهم ودرهم فضة بدرهم فهلكت الفضة ولبس العمامة حتى تخرقت فان الفضة تذهب بثلثي دينه لان حصتها من الدين الثلثان ويضمن قيمة العمامة بالاتلاف يحسب له منها ثلث الدرهم حصة ما كان فيها من الدين ويؤدي ما بقي. قال رحمه الله كان شيخنا الامام رحمه الله يقول هذه من أعجب المسائل في الوضع فمن عادة محمد رحمه الله أنه يرفع فيما يذكر منه قيمة الأشياء حتى يذكر ثوبا يساوى ألفا وجارية تساوى عشرين ألفا وهنا قال عمامة تساوى نصف درهم ولو كانت هذه العمامة خيشا لكانت قيمتها أكثر من هذا وقد كان صحيحا لأنه قال لبس العمامة حتى تخرقت فلا تأويل لهذا سوى انه أراد بهذا تطييب قلوب طلبة العلم لان يثاب بما منهم يكون خلقة فيعملون إذا نظروا إلى هذه المسألة انه قد يكون في الناس من يكون ثوبه دون ثيابهم فيكون في ذلك بعض التسلي لهم ولا يجوز ارتهان الخمر والخنزير فيما بين المسلم والذمي لأنه ليس بمال متقوم في حق المسلم منهما فان هلك عند المرتهن ذهب بما فيه أن كان الراهن كافرا لان خمر الذمي يكون مضمونا على المسلم بالقبض كما في الغصب وضمان الرهن ضمان القبض وإن كان الراهن مسلما ذهب بغير شئ لان خمر المسلم لا يكون مضمونا على الذمي بالقبض كما في حال الغصب والاتلاف والله أعلم * (باب رهن الفضة بالفضة والكيل والوزن) * (قال رحمه الله) وإذا ارتهن الرجل قلب فضة فيه عشرة دراهم بعشرة دراهم فهذه المسألة على ثلاثة أوجه اما أن يكون قيمته مثل وزنه عشرة أو قيمته أقل من وزنه ثمانية أو قيمته أكثر من وزنه اثنى عشر وكل وجه من ذلك على وجهين اما أن يهلك القلب أو ينكسر اما إذا كانت قيمته مثل وزنه فان هلك القلب سقط حق المرتهن لان في وزنه وقيمته وفاء
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست