المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ١٦٣
* (باب رهن الأرضين وغيرها) * (قال رحمه الله) وإذا ارتهن أرضا فيها نخل وشجر وقبضها فهو جائز وسقى النخل والشجر على الراهن لان سقى النخل بمنزلة علف الدواب ونفقة المماليك ليقي منتفعا بها فيكون على الراهن باعتبار ملكه كما كان قبل الرهن وان أنفق المرتهن عليها فهو متطوع إلا أن يكون بأمر القاضي وجعله دينا على الراهن وقد بينا ذلك في النفقة وليس للمرتهن أن يبيع ثمرة النخيل وان خاف الفساد عليها لأنه حافظ لها وبحق الحفظ لا يثبت له ولاية البيع لما فيه من ترك حفظ العين الا بأمر الراهن أو بأمر القاضي إن كان الراهن غائبا لان للقاضي ولاية النظر في مال الغائب وبيع ما يخاف الفساد على عينه من النظر ويدخل البناء والشجر في رهن الأرض والدار وإن لم يذكر كما في البيع وكذلك ثمر النخيل والشجر وزرع الأرض يدخل في الرهن من غير ذكر لقصدهما إلى تصحيح الرهن وقلة الضرر على الراهن في دخولهما فيه بخلاف البيع والهبة وقد بينا هذا الفرق فيما سبق وإذا أخذ السلطان العشر من الغلة لم ينقص ذلك من الدين لأنه أخذ ذلك بحق مستحق على الراهن فهو في حق المرتهن بمنزلة الاستحقاق ولا يبطل به الرهن فيما يبقي لان مقدار العشر من الغلة يبقى على ملك الراهن ما لم يأخذه السلطان (ألا ترى) انه لو أدى العشر من موضع آخر جاز فصح الرهن في الكل ثم خرج هذا الجزء بأخذ السلطان والباقي مقسوم فلا يتمكن بسببه الشيوع في الرهن قارنا ولا مقارنا ولو أخذ السلطان العشر من الراهن لم يرجع الراهن في غلة الأرض بشئ لان الرهن في الكل صحيح لمصادفة العقد ملكه ولو أخذها المرتهن فأدى عشرها أو خراجها لم يرجع على الراهن بذلك لأنه ان تطوع بالأداء فلانه متبرع فيما أدى وان أكرهه السلطان فهو ظالم في حقه لأنه ليس عليه من الخراج والعشر شئ والمظلوم لا يرجع الا على الظالم وليس للراهن أن يزرع الأرض المرهونة لان ذلك انتفاع منه بالمرهون وهو ممنوع من ذلك عندنا بحق المرتهن وكذلك لا يؤاجرها لأنه لما منع من الانتفاع بنفسه فلان يمنع من تمليك منفعتها من غيره ببدل أولى وهذا لأنه بالإجارة يوجب للغير حقا لازما وفى تصحيحها ابطال حق المرتهن في استدامة اليد فان فعل ذلك فالاجر له لأنه وجب بعقده بدلا عن منفعة مملوكة له وكذلك المرتهن لا يزرعها لان الملك فيها لغيره فلا يزرعها ولا يؤاجرها بغير إذنه فان فعل ذلك ضمن ما نقص الأرض وتصدق بالأجر ان أجر و يفصل الزرع أما ضمان النقصان فلانه بالزراعة متلف
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست