المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ٩١
المقصود بالشئ ينهيه ويقرره ولهذا جاز الابراء عن الثمن بعد الاستيفاء فإذا بقي الدين حكما بقي ضمان الرهن وبهلاك الرهن يصير مستوفيا فتبين انه استوفي مرتين فيلزمه رد أحدهما فأما بالابراء فيسقط الدين فلا يبقى الضمان بعد انعدام أحد المعنيين وكذلك إذا اشترى بالدين أو صالح من الدين على عين فذلك استيفاء الدين بطريق المقاصة وكذلك إذا أحال على غيره لان بالحوالة لا يسقط الدين ولكنه ذمة المحال عليه تقوم مقام ذمة المحيل وهو بصدد أن يعود إلى ذمة المحيل إذا كان المحتال عليه مفلسا فلهذا بقي ضمان الرهن وكذلك بعد ما تبادلا رهنا برهن الدين والقبض باقيان في حق العين الأول فيبقى الضمان فيه وإذا تصادقا على أن لا دين فإنما يسلم هذا فيما إذا كان تصادقهما بعد هلاك الرهن والدين كان واجبا ظاهرا حين هلك الرهن ووجوب الدين ظاهرا يكفي لضمان الرهن فصار مستوفيا فأما إذا تصادقا على أن لا دين والرهن قائم ثم هلك الرهن فان هناك تهلك أمانته لان بتصادقهما من الأصل وضمان الرهن لا يبقى بدون الدين والوجه الآخر وعليه الاعتماد أن مقصود الراهن بتسليم الرهن إلى المرتهن أن يبرئ ذمته عند هلاك الرهن من غير أن يلزمه شئ آخر وقد حصل له هذا المقصود بالابراء قبل هلاك الدين فلا يستوجب عند هلاك الرهن سببا آخر كمن عليه الدين المؤجل إذا عجل الدين ثم حل الاجل وصاحب المال إذا عجل الزكاة ثم تم الحول لا يلزمه شئ آخر لهذا المعنى بخلاف ما إذا استوفى الدين فهناك مقصوده لم يحصل لان ذمته إنما برئت بما أعطى من المال وكذلك إذا اشترى بالدين أو صالح أو أحال أو تبادلا رهنا برهن فما هو المقصود له عند هلاك الرهن لم يحصل بهذه الأسباب وإذا تصادقا على أن لا دين له ثم هلك الرهن بعد ذلك لا يكون مضمونا لان مقصوده حصل بالتصادق حين لم يلزمه شئ آخر ولا يقال مقصود براءة ذمته عند هلاك الرهن بطريق الايفاء وإنما برئت ذمته بطريق الاسقاط بالابراء أو الاسقاط عن الايفاء وهذا لان الأسباب غير مطلوبة لا عيانها بل لاحكامها فإنما ينظر إلى حصول المقصود ولا ينظر إلى اختلاف الطريق بمنزلة ما لو قال لفلان على ألف درهم قرضا وقال المقر له بل هو غصب يلزمه المال لايفاء ما هو المقصود وان اختلفا في السبب وكذلك لو قال لفلان على ألف درهم ثمن هذه الجارية التي بعتها وقال فلان الجارية جاريتك بعتها ولى ألف درهم يلزمه المال لحصول المقصود وهو سلامة الجارية له وان اختلفا في السيد فهذا مثله وهذا بخلاف البيع بالضمان فإنه هناك انعقد بالقبض ولكن فسخ البيع يبطل بالهلاك قبل الرد كما
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست