المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ٦٠
بدين فأقر لهما بدين لم يجز الاقرار في حق كل واحد منهما لان الاقرار اخبار منه عن واجب سابق ولم يصح في حق من أكره على الاقرار له فلو صححناه في حق الآخر فقبض نصيبه كان للآخر أن يشاركه في المقبوض ولو قلنا لا يشاركه كان هذا إلزام شئ سوى ما أقر به لان هذا اقرار بدين مشترك بينهما فلهذا لا يجوز الاقرار بخلاف الصلح فإنه إنشاء عقد يمكن تصحيحه في نصيب أحدهما دون الآخر وهو نظير المريض إذا أقر لوارثه ولأجنبي لم يجز اقراره لواحد منهما ولو أوصى لأجنبي ولوارثه بثلث ماله جاز في نصيب الأجنبي فهذا قياسه والله أعلم بالصواب * (باب الصلح في العارية والوديعة) * (قال رحمه الله) وإذا قال المستودع ضاعت الوديعة أو قال رددتها عليك فهو مصدق في ذلك لكونه أمينا فان صالحه صاحبها بعد هذا الكلام على مال لم يجز الصلح في قول أبى يوسف رحمه الله وهو قول أبي حنيفة رحمه الله والرواية في الأجير المشترك إذا ادعى الرد ثم صالح صاحبه على ما قال فالأجير عنده أمين كالمودع وقال محمد رحمه الله الصلح صحيح والحاصل أن في هذه المسألة ثلاثة أوجه (أحدها) أن يدعي صاحبها عليه الاستهلاك وهو ينكر ذلك وفى هذا يجوز الصلح والاتفاق لان صاحبها يدعى عليه دينا بسبب لو أقر به لزمه فهذا صلح مع الانكار وذلك صحيح عندنا (والثاني) أن يقول المودع قد هلكت أو رددتها ولا يدعي صاحبها عليه الاستهلاك ولكنه يكذبه فيما يقول ففي هذا خلاف كما بينا وجه قول محمد رحمه الله أن صاحبها يدعى عليه الضمان بالمنع بعد طلبه وذلك منه بمنزلة الغصب ولو ادعى غصبا على انسان ثم صالحه على مال جاز الصلح بناء على زعم المدعى فهذا مثله لان الثمن باق على المودع فهو بهذا الصلح بقي عليه بمال وذلك صحيح عندنا وأبى يوسف رحمه الله يقول المودع أمثل فيثبت بخبره ما أخذ عن دعوى الرد أو الهلاك لان تأثير كونه أمينا في قبول قوله فصار ثبوت ذلك بقوله كثبوته بالبينة ولو ثبت ذلك بالبينة لم يجز الصلح بعد ذلك وتوجه اليمين على المودع لنفى التهمة عنه لان البراءة تظهر بخبره بدليل انه لو مات قبل أن يحلف كانت البراءة تامة وإذا ثبت حصول البراءة بخبره فهو كما لو أبرأ المغصوب منه الغاصب عن المستهلك ثم صالحه على مال وإنما يجوز بالصلح فداء اليمين التي هي حق المدعى خلفا عما فوت
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست