المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ١١٦
بالدين فيصير المرتهن مستوفيا كمال حقه بهلاكه وان انكسر فعلى قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله يضمن المرتهن قيمته ان شاء من جنسه وان شاء من خلاف جنسه لأنه لا يمكن فيه الربا ويكون ما ضمنه رهنا عنده أن يحل أجل الدين ثم يستوفيه ضامن حقه والمكسور مملوك له بالضمان وعند محمد رحمه الله يخير الراهن ان شاء سلم المكسور للمرتهن بدينه وان شاء افتكه ببعض الدين وروى أصحاب الاملاء عن أبي يوسف وعن أبي حنيفة رحمهما الله ان الراهن يجبر على افتكاك اقتضاء جميع الدين وليس له أن يضمن المرتهن شيئا والأصل عند محمد رحمه الله أن حالة الانكسار معتبرة بحالة الهلاك والقلب عند الهلاك في هذا الفصل مضمون بالدين دون القيمة فكذلك عند الانكسار لان ضمان القيمة يوجب الملك في المضمون للضامن وضمان الدين لا يوجب ذلك وسبب كل واحد من الضمانين القبض ولا يجوز أن يتعلق بشئ واحد ضمانان من جنسين مختلفين فعند تعذر الجمع بينهما لابد أن يكون الثابت أحدهما وبالإجماع في حالة الهلاك القلب مضمون بالدين هنا فكذلك في حالة الانكسار (ألا ترى) أن المبيع لما كان مضمونا بالثمن استوى فيه حالة الهلاك وحالة الانكسار والمغصوب لما كان مضمونا بالقيمة استوى فيه حالة الهلاك وحالة الانكسار فهذه مثله إلا أن عند الهلاك يتم الاستيفاء حكما بين الوزن لان الاستيفاء يكون من المالية والمالية في مال الربا عند المقابلة بالجنس يكون بقدر الوزن والكيل فأما عند الانكسار فلا يتم الاستيفاء لبقاء الوزن ولكنه يتخير الراهن ان شاء سلم المكسور للمرتهن وجعله في حكم الهلاك فيتم الاستيفاء وان شاء افتكه بقضاء الدين كما إذا انكسر القلب المبيع يخير المشترى بين أن يأخذه ويؤدى جميع الثمن وبين أن يفسخ البيع ويجعله في حكم المستهلك وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله قالا ضمان الرهن ضمان استيفاء والاستيفاء يكون من المالية ومالية القلب باعتبار وزنه والوزن قائم بعد الانكسار من كل وجه فلا يمكن جعل المرتهن مستوفيا رضى به الراهن أو لم يرض لان عند تسليم الراهن المكسور للمرتهن لا بد من القبول لان المرتهن يمتلك المكسور وذلك ليس من حكم ضمان الاستيفاء إذا لم يهلك الرهن لا يملك المرتهن المرهون به ولهذا لو كان عبدا كان كفنه على الراهن وإذا تعذر جعل المرتهن مستوفيا قلنا الراهن ما رضى بقبضه الأعلى وجه يصير مستوفيا عند تعذر رده كما قبض فلا يكون راضيا بقبضه بدون هذا الشرط فالقلب في هذه الحال كالمقبوض بغير رضاه وهو المغصوب فيكون مضمونا بقيمته ويخير المالك بين
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست