المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٢١٨
كل واحد منهما إنما يتملك بعقد باشره الوكيل فعند الاشتباه يرجع في البيان إليه فإذا قدم المسلم إليه وكذب الوكيل فالقول قول المسلم إليه لأنه هو الأصل في هذا البيان وسقط اعتبار الخلف عند ظهور الأصل وان أسلم الوكيل إلى نفسه فهو باطل لان الواحد في عقد التجارة لا يصلح أن يكون مباشرا للعقد من الجانبين لما فيه من تضاد الاحكام فإنه يكون مملكا متملكا مسلما متسلما مخاصما متخاصما وذلك لا يجوز ولأنه متهم في حق نفسه وقد بينا أن التهمة تخصص الامر المطلق * وكذلك * لو أسلم إلي شريك له مفاوض لأنهما بعقد المفاوضة صار كشخص واحد في عقود التجارة فكل واحد منهما مطالب بما يجب علي صاحبه فهو وما أسلم إلى نفسه سواء * وكذلك * ان أسلم إلي عبده لان كسب العبد لمولاه فهو متهم في ذلك * وكذلك * إلى مكاتبه لان له حق الملك في كسب المكاتب وينقلب ذلك صحيحا حقيقة ملك يعجزه فان أسلم إلى شريك له عنان جاز إذا لم يكن من تجارتهما لان كل واحد منهما من صاحبه كسائر الأجانب فيما ليس من تجارتهما حق تجوز شهادة كل واحد منهما لصاحبه فيما ليس من تجارتهما فان أسلمها إلى ابنه أو إلى أحد أبويه أو زوجته ممن لا تقبل شهادته له لم يجز عند أبي حنيفة وهو جائز في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لاثه ليس لواحد منهما في مال صاحبه ملك ولا حق ملك فكان بمنزلة ما لو أسلم إلى أخيه انه يجوز وهذا بخلاف الشهادة لان ذلك خير ممثل بين الصدق والكذب فلا يترجح جانب الصدق فيها مع تمكن تهمة الميل وأبو حنيفة يقول مطلق الوكالة تتقيد بالتهمة وكل واحد منهما متهم في حق صاحبه بدليل أنه لا تقبل شهادته له فكان اسلامه إليه كاسلامه إلى عبده ومكاتبه وهذا لان تصرف الوكيل إنما يكون في حق الغير والظاهر من حال المرء إيثار ولده وزوجته علي الأجنبي وسوي هذا في المسألة كلام وخلاف في معاملة الوكيل مع هؤلاء بمثل القيمة أو بالغبن اليسير وقد أملينا تمام ذلك في كتاب الوكالة وإذا وكل الوكيل بالسلم رجلا بقبض المسلم فيه ممن عليه فقبضه برئ المسلم إليه منه لان الوكيل في حق القبض كالعاقد لنفسه حتى يختص بالمطالبة به ولو كان عاقدا لنفسه كان قبض وكيله في براءة المسلم كقبضه بنفسه فإن كان الوكيل الثاني عبدا للوكيل الأول أو ابنه في عياله أو أجير له فهو جائز على الآمر حتى لو هلك في يده هلك من مال الآمر والمراد الأجير الخاص الذي استأجره مشاهرة أو مسانهة لان يد هؤلاء في الحفظ كيده ألا ترى أنه لو قبض بنفسه ثم سلم إلي
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 » »»
الفهرست