المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٦٤
نصف ما ملك به فكما لا يجوز هذا التصرف منه في الكل لا يجوز منه في البعض. قال (رجل قال لرجل أسلمت إلى عشرة دراهم في كر حنطة ثم قال بعد ما سكت ولكني لم أقبض الدراهم منك وقال رب السلم بل قبضتها فالقول قول رب السلم استحسنا وفى القياس القول قول المسلم إليه) وكذلك لو كان رأس المال ثوبا وجه القياس ان السلم اسم للعقد واقراره لا يكون إقرارا بالقبض كالبيع فإنه إذا قال ابتعت منك كذا ثم قال لم أقبض كان القول قوله في ذلك لأنه منكر للقبض والآخر يدعى عليه التسليم فجعل القول قول المنكر فكذا في السلم ألا ترى أنه لو قال ذلك موصولا بكلامه كان القول قوله ولو صار بالاقرار بالسلم مقرا بالقبض لكان هذا رجوعا والرجوع لا يعمل موصولا كان أو مفصولا ولكنه استحسن فقال السلم أخذ عاجل بآجل فمطلقه يقتضى الاقرار بالعقد والقبض جميعا فكان قوله لم أقبضه بيانا فيه تغيير لمقتضى مطلق كلامه والبيان المغير للفظه صحيح موصولا بكلامه لا مفصولا وهذا تخصيص للفظه العلم والتخصيص ممن لا يملك الابطال صحيح موصولا لا مفصولا بمنزلة الاستثناء قال في الأصل وهذا مثل قوله فد أعطيتني عشرة دراهم في كر حنطة أو أسلفتني أو أقرضتني عشرة دراهم برؤوسها ثم قال لم أقبض والقياس والاستحسان في الكل ولكن من عادته الاستشهاد بالأوضح وكذلك لو قال على ألف درهم من ثمن جارية بعتنيها ثم قال لم أقبضها وقال الآخر قد قبضت فهو غير مصدق في قوله لم أقبضها وصل أم قطع في قول أبي حنيفة وكان أبو يوسف يقول أولا ان وصل يصدق وان فصل لم يصدق وان فصل لم يصدق ثم رجع وقال إذا فصل يسأل المقر له عن جهة المال فان أقر بجهة البيع وقال قد قبضتها فالقول قول المقر انى لم أقبضها وان قال المال عليه من جهة أخرى فالقول قوله والمال لازم على المقر وهو قول محمد وهذا في الحقيقة ليس برجوع بل تفسير لما أبهمه في الابتداء وجه قولهما انهما تصادقا على البيع فالبائع يدعي تسليم المعقود عليه والمشترى منكر فالقول قول المنكر كما لو قال ابتعت منك جارية بألف درهم ثم قال لم أقبضها أو قال لك علي ألف درهم ثمن هذه الجارية التي بعتها منى ولم أقبضها فالقول قوله في ذلك فإن لم يصدقه المقر له في الجهة فقد أقر بوجوب المال له عليه ثم ادعى ما يسقط فلا يصدق إذا كان مفصولا لما بينا ان قوله لم أقبضها بيان مغير لموجب اقراره فيصح موصولا لا مفصولا كالاستثناء إذا قال لفلان على ألف درهم الا مائة أو قال الا وزن خمسة وأبو حنيفة يقول أقر بالقبض ثم رجع والرجوع باطل موصولا كان أو
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست