المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٥٥
في جنس المعقود عليه فتعلق العقد بالمعقود عليه أكثر من تعلقه بالثمن ثم لو اختلفا في جنس الثمن تحالفا ففي جنس المعقود عليه أولى وكذلك إذا اختلفا في الصفة لان المسلم فيه دين وإنما يعرف الدين بصفته فالجيد منه غير الوسط ألا ترى أنهما لو أحضرا كانا غيرين والاختلاف في الصفة فيما هو دين يكون اختلافا في المعقود عليه فيجرى التحالف بينهما بخلاف ما إذا اختلفا في الصفة في بيع العين فان العين لا تختلف باختلاف صفته فلا يكون ذلك اختلافا بينهما في المعقود عليه. قال (والذي يبدأ به في اليمين المطلوب في قول أبى يوسف الأول) لأنه بمنزلة البائع وصاحب الشرع عليه الصلاة والسلام قال فالقول ما يقوله البائع فظاهر هذا يقتضى أن يكتفى بيمنه وقد قام الدليل علي انه لا يكتفي بذلك فيبقى هذا الظاهر معتبرا في البداية بيمينه ولأنه أشبه بالمنكرين فإنه ينكر ما ادعاه الطالب من الجنس والصفة لنفسه واليمين على المنكر ثم رجع وقال يبدأ بيمين الطالب وهو قول محمد لان أول التسليمين في عقد السلم على الطالب وهو رأس المال فلذلك أول اليمينين عليه ولأنه بنكوله يثبت ما ادعاه المطلوب منه ويقع الاستغناء عن يمينه وبعض مشايخنا رحمهم الله يقول القاضي يقرع بينهما ويبدأ بيمين من خرجت قرعته نفيا لتهمة الميل عن نفسه وقيل الرأي في ذلك إلى القاضي وقيل ينظر أيهما سبق بالدعوة يبدأ بيمين خصمه وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه لان نكوله قائم مقام اقراره وان قامت لهما جميعا بينة أخذت بينة الطالب لان في بينته زيادة اثبات ولأنه يقيم البينة على حق نفسه فالمطلوب إنما يقيم البينة علي حق الطالب وبينة الانسان على حق نفسه أولى بالقبول وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وعن محمد إن كان افترقا عن مجلس العقد فكذلك الجواب وإن لم يفترقا عن مجلس العقد يقضي بسلمين عشرة في كر حنطة ببينة رب السلم وعشرة في كر شعير بينة المسلم إليه ومحمد رحمه الله يقول البينات حجج فمهما أمكن العلم بها لا يجوز ابطال شئ منها وهنا العمل بالبينتين يمكن إذ لا منافاة بين العقدين فيجب العمل بهما كحجج الشرع بخلاف ما بعد الافتراق فإنه ما قبض في المجلس الا عشرة واحدة فلا يمكن القضاء بالعقدين فلهذا رجحنا بينة الطالب وقاس هذا ببيع العين فإنه لو قال بعت منك هذه الجارية بألف درهم وقال المشترى بعتني العبد بألف درهم وأقاما جميعا البينة يقضى بالعقد فيهما جميعا بالاتفاق فكذلك في السلم وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله يقولان مع اختلافهما اتفقا على أنه لم يكن بينهما الا عقد واحد فالقضاء بالعقدين قضاء بما لم
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست