المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٥٢
وذكر الحسن عن زفر رحمهما الله تعالى انه لا يجوز فعلى رواية ابن شجاع قال كل دين لا يجوز قبضه في المجلس ويجوز التأجيل فيه فأخذ الرهن والكفيل به صحيح للتوثيق والمسلم فيه بهذه الصفة بخلاف رأس المال وبدل الصرف وعلى الرواية الأخرى قال كل دين لا يجوز الاستبدال به قبل القبض فأخذ الرهن والكفيل به لا يجوز لان في الكفالة إقامة ذمة الكفيل مقام ذمة الأصيل فيكون في معنى الاستبدال من حيث المحل والحوالة كذلك وفي الرهن يصير مستوفيا بالهلاك والرهن ليس من جنس الدين فكان هذا استبدالا فعلى هذا لا يجوز الرهن بالمسلم فيه ورأس المال وبدل الصرف وحجتنا في ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه اشترى من يهودي طعاما نسيئة ورهنه درعه وشراء الطعام نسيئة يكون سلما وقد روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه جوز الرهن بالسلم واستدل فيه بقوله تعالى (يا أيها الذي آمنوا إذا تداينتم بدين إلى قوله تعالى فرهان مقبوضة) والمعنى فيه أن عند هلاك الرهن يصير مستوفيا عين حقه لا مستبدلا فان عين الرهن لا تكون مملوكة للمرتهن ولهذا لو كان الرهن عبدا فمات كان كفنه علي الراهن وإنما يصير مستوفيا دينه من ماليته والأعيان باعتبار صفة المالية جنس واحد ولهذا لو ارتهن أحد الشريكين بنصيبه من الدين فهلك الرهن يرجع شريكه عليه بنصف نصيبه من الدين وإذا ثبت انه استيفاء لا استبدال جاز الرهن بكل دين يجب استيفاؤه وفى الحوالة والكفالة لاشك فان المستوفي من الكفيل والمحتال عليه كالمستوفي من الأصيل في أنه عين حق الطالب لا بدله. قال (وإذا أسلم في شئ من الثياب واشترط طوله وعرضه بذراع رجل معروف لم يجز كما في المكيل إذا عين المكيال) وهذا لان مقدار المسلم فيه بالذراع المعروف وربما يموت ذلك الرجل فيتعذر تسليم المسلم فيه إذا حل الاجل وإذا اشترط كذا وكذا ذراعا فهو جائز وله ذراع وسط لان مطلق التسمية تنصرف إلي المتعارف كمطلق تسمية الدراهم في الشراء تنصرف إلي نقد البلد والمتعارف الذراع الوسط ويسمى المكسرة وسمى لذلك لأنه كسره من ذراع قبضة الملك وان الذراع الوسط سبع قبضات وهي تسع مسببات ومعرفة هذا في كتاب العشر والخراج. قال (وإذا أسلم في الحرير وزنا ولم يشترط الطول والعرض لم يجز) لان المالية لا تصير معلومة الا ببيان الطول والعرض في الثياب ولأنه لو جاز هذا لكان يأتيه بقطاع الحرير بذلك الوزن الذي سمى فيجبر على أخذه ونحن نعلم أنه لم يقصد ذلك فلهذا لا يجوز ما لم يبين
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست