المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٨٧
ويده بسبب لم يرض به ولو زال ملكه بسبب هو راض به كالبيع لا ينقطع حقه وإذا أزيلت يده بغير رضاه بان قبض المشترى المبيع بغير إذن البائع فهنا أولى أن لا ينقطع حقه (والرواية الأخرى) ان ملكه لا يزول بل له الخيار وان شاء ترك الدقيق وضمنه حنطة مثل حنطته وان شاء أخذ الدقيق ولم يضمنه شيئا * قال أستحسن ذلك وأخالف فيه أبا حنيفة لأنه استقبح أن يأتي مفلس إلى كر حنطة انسان فيطحنه ثم يهب الدقيق لابنه الصغير فلا يتوصل صاحب الحنطة إلى شئ فهذا قول الشافعي رحمه الله أيضا الا ان عند الشافعي رحمه الله يأخذ القيق ويضمنه النقصان إن كان لما بينا ان علي أصله تضمين النقصان مع أخذه العين في أموال الربا جائز وعند أبي يوسف لا يجوز ذلك كما هو مذهبنا * ووجه هذا أن الدقيق عين شبه فيكون له أن يأخذه كما قبل الطحن وهذا لان عمل الطحن في تفريق الاجزاء لا لا حداث ما لم يكن موجودا وتفريق الاجزاء لا يبدل العين كالقطع في الثوب والذبح والسلخ والتأريب في الشاة. والدليل عليه ان الدقيق جنس الحنطة ولهذا جرى الربا بينهما ولا يجرى الربا الا باعتبار المجانسة * واستدل محمد رحمه الله في إملاء الكيسانيات لأبي حنيفة رحمه الله بالحديث الذي رواه أبو حنيفة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبي مرة عن أبي موسى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان في ضيافة رجل من الأنصار فقدم إليه شاة مصلية فأخذه منها لقمة فجعل يلوكها ولا يسيغها فقال صلى الله عليه وسلم انها ذبحت بغير حق فقال الأنصاري كانت شاة أخي ولو كانت أعز منها لم ينفس علي بها وسأرضيه بما هو خير منها إذا رجع قال صلى الله عليه وسلم أطعموها الأسارى قال محمد يعنى المحبسين فأمره بالتصدق بها بيان منه أن الغاصب قد ملكها لان مال الغير يحفظ عليه عينه إذا أمكن وثمنه بعد البيع إذا تعذر عليه حفظ عينه ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتصدق بها دل انه ملكها والخلاف في الفصلين سواء قال محمد وهذا الحديث جعله أبو حنيفة رحمه الله أصلا في أكثر مسائل الغصب والمعنى فيه أن هذا الدقيق غير الحنطة وهو إنما غصب الحنطة فلا يلزمه رد الدقيق كمن أتلف حنطة لا يلزمه رد الدقيق. وبيان المغايرة انهما غير أن اسما وهيئة وحكما ومقصودا. وكذلك يتعذر إعادة الدقيق إلي صفة الحنطة. و تحقيقه ان الموجودات من المخلوقات تعرف بصورتها ومعناها فتبدل الهيئة والاسم دليل علي ان المغايرة صورة وتبدل الحكم والمقصود دليل علي المغايرة معنى وإذا ثبتت المغايرة فمن ضرورة ثبوت الثاني انعدام
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست