المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٨٣
بذلك لأنهما اختلفا فشهد أحدهما بالقول والآخر بالفعل ولا يثبت واحد منهما الا بشهادة شاهدين وإن لم يكن لواحد منهما البينة فأردت أن تلحف الغاصب علي ذلك فقال أنا أرد اليمين على رب الثوب وأعطيه ما حلف عليه فليس له ذلك لان الشرع جعل اليمين على المدعى عليه وما كان مستحقا على المرء شرعا فليس له ان يحوله إلى غيره (قال) ولا أدر اليمين ولا أحولها عن موضعها الذي وضعها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى هذا ان اليمين شرعا في جانب المدعي عليه اما للنفي أولا بقاء ما كان على ما كان وهو براءة ذمته فإذا حولت إلى جانب المدعى لم يعمل الا بهذا المقدار لان عمل الشئ في محله أقوى منه في غير محله وبهذا القدر لا يستحق المدعى شيئا بل حاجته إلى اثبات ما ليس بثابت له واليمين لا تصلح لهذا. وكذلك أن رضى رب الثوب بذلك وقال أنا أحلف فتراضيهما علي ما يخالف حكم الشرع يكون لغوا فإذا جاء الغاصب بثوب زطي فقال هذا الذي غصبتكه وقال رب الثوب كذبت بل هو ثوب هروي أو مروى كان القول قول الغاصب مع يمينه لان الاختلاف منهما في تعيين المقبوض والقول فيه قول القابض أمينا كان أو ضامنا لأنه لو أنكر القبض أصلا كان القول قوله. ثم ذكر صفة يمينه وقال (يحلف بالله ان هذا ثوبه الذي غصبه إياه وما غصبه هرويا ولا مرويا) لان في تعيين المقبوض القول قوله ومن جعل القول قوله شرعا فإنه يحلف على ما يقول كالمودع في رد الوديعة أو هلاكها والمدعى يدعى عليه أنه غصبه هرويا أو مرويا وهو منكر لذلك فالقول قوله مع اليمين فلهذا جمع في اليمين بين الامرين فإذا حلف قضيت لصاحب الثوب بالثوب وأبرأت الغاصب من دعوى رب الثوب وان نكل عن اليمين يقضى عليه بما ادعاه المدعى لان نكوله كاقراره وعند النكول لا يقضي له بهذا الثوب لأنه لا يدعى ثوبين إنما يدعى ثوبا هرويا وقد استحقه فأما إذا حلف فهو ما استحق ثوبا سوى هذا وقد كان يدعى أصل الثوب بصفته ولم يثبت له تلك الصفة بنفي دعواه أصل الثوب فيقضى له بهذا الثوب باعتبار دعواه فإن شاء أخذه وان شاء تركه. فان جاء بثوب هروي خلق وقال هذا الذي غصبتكه وهو على حاله وقال رب الثوب بل كان ثوبي جديدا حين غصبته فالقول قول الغاصب مع يمينه لانكاره قبض الثوب حين كان جديدا ولان الظاهر شاهد له فان صفة الثوب في الحال معلوم وعند الغصب مختلف فيه فيرد المختلف فيه إلى ما هو المعلوم في نفسه ولان الغصب حادث فيحال بحدوثه
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست