مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٣٨٢
يقاس على هذه المسألة ويتبين به صحة ما ذكرناه فيها مسألة الجناية على أم الولد، وذلك أن بيعها لا يجوز ويجوز الاستمتاع بها. واختلف فيها إن قتلت فقيل: لا قيمة على قاتلها إذ لا يجوز بيعها ولأنه إنما أتلف على سيدها منفعة وهو قول سحنون. وقيل: إن عليه قيمتها وهو مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك ولم يقل أحد إنه يأخذ القيمة ويتصدق بها، ولا فرق في ذلك بين العمد والخطأ فوجب أن ترد مسألة الضحايا إلى ذلك. وإنما كره مالك في كتاب محمد للرجل إذا اختلطت رؤوس الضحايا في الأفران يأكل متاع غيره ولم يحرم ذلك: لأن حكم ذلك حكم لقطة ما لا يبقى من الطعام حيث لا يوجد له ثمن إذ لا يجوز بيعه فأكله جائز إذا لم يعلم صاحبه وخشي عليه الفساد، لقول النبي (ص) في الشاة: هي لك أو لأخيك أو للذئب. والتصدق بذلك أفضل بخلاف الخبز واللحم من غير الأضاحي تختلط في الفرن فلا يعلم الرجل لمن هذا الذي سيق إليه ولا عند من صار متاعه لأنه يجب عليه أن يبتاعه ويوقف ثمنه على حكم اللقطة إذا لم تبق ووجد لها ثمن انتهى. فحاصل ما ذكره أن أخذ العوض يجوز على البعض وعلى الكل من غير الجنس، وأما في الجنس فإنما جاز له الاكل لأنها كلقطة ما يفسد إذا لم يكن له ثمن، والقول بجواز أخذ قيمة الأضحية ممن سرقها هو الذي اقتصر عليه سند في باب الهدي من كتاب الحج الثاني فيما إذا سرق الهدي بعد ذبحه فقال:
فقد أجزأ عنه، وتقدم كلامه برمته عند قول المصنف: وإن سرق بعد ذبحه أجزأ لا قبله. وما ذكره في الخبز إذا اختلط. واللحم أنه كاللقطة. هذا حكم الخبز المأخوذ، وأما الفران فإن اعترف أن الخبز ليس هو فله تغريمه لأنه قد نص ابن رشد وغيره في ضمان الصناع على أنه إذا ضيع الخبز ضامن فرط أم لم يفرط، وإن ادعى أن الموجود هو خبز هذا الرجل فالقول قوله. قال في مختصر البرزلي.
مسألة: قال ابن الحاج: إذا احترق الخبز في الفرن فقال الفران هو لفلان وقال صاحبه ليس هو لي، فالقول قول الفران. قاله ابن زرب ولا ضمان عليه. البرزلي: هو ظاهر المدونة ثم ذكر كلاما عن اللخمي مضمنه أنه إن كان لا يعمل إلا للناس صدق، وإن كان يعمل لنفسه
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست