مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٣٥٧
عبد السلام: وأصل الافتراس في اللغة دق العنق ثم استعمل في كل قتل انتهى. قال في الشامل:
وكره مفترس على الأصح، وثالثها إن لم يعد كثعلب وضبع وهو مطلقا وإلا حرم كسبع وفهد ونمر وذئب وكلب. وقيل: لا خلاف في كراهة ما لا يعدو انتهى. وينبغي أن يعلم أولا الافتراس والعدو. وقال في التوضيح: الافتراس لا يختص بالآدمي فالهر مفترس باعتبار الفار، والعداء خاص بالآدمي فالعداء أخص من الافتراس انتهى. واعلم أنه ذكر في الشامل طريقتين في المفترس:
الطريقة الأولى وهي التي ذكرها ابن الحاجب وعزاها ابن عرفة للباجي فيها ثلاثة أقوال، الأصح الكراهة مطلقا ومقابلة المنع مطلقا والثالث التفصيل. قال ابن عرفة الباجي في كراهة أكل السباع ومنع أكلها ثالثها حرمة عاد بها الأسد والنمر والذئب والكلب، وكراهة غيره كالدب والثعلب والضبع والهر مطلقا لرواية العراقيين معها وابن كنانة مع ابن القاسم وابن حبيب عن المدنيين انتهى. والطريقة الثانية تحكي الاتفاق على الكراهة فيما لا يعدو وتحكي الخلاف بالمنع والكراهة فيما يعدو وهي التي أشار إليها بقوله: " وقيل لا خلاف في كراهة ما لا يعدو ". فيتحصل من هذا أن الكلب فيه قولان: بالتحريم والكراهة والذي يأتي على ما مشى عليه المصنف وصححه صاحب الشامل القول بالكراهة وصحح ابن عبد البر التحريم. قال ابن عسكر في العمدة: قال الشيخ أبو عمر ابن عبد البر: الصحيح تحريم الكلاب والسباع العادية وهو مذهب الموطأ انتهى.
وقال في الجلاب: ولا تؤكل الكلاب انتهى. ولم أر في المذهب من نقل إباحة أكل الكلب والله أعلم وسيأتي في القولة التي بعد هذه حكم قتلها. ص: (وهر) ش: تصوره ظاهر.
فرع: قال البرزلي: نزلت مسألة وهي أن قطا عمي وفرغت منفعته فاستفتى فيه شيخنا الامام بوجوب إطعامه وألا يقتل وكذا ما يئس من منفعته لكبر أو عيب وهو نحو ما تقدم وكذا ذبح القطط الصغار والحيوان الصغير لقلة غذاء أمهاتهم أو إراحتها من ضعفها. والصواب في ذلك كله عندي الجواز لارتكاب أخف الضررين لقوله عليه السلام: إذا التقى ضرران نفى الأكبر للأصغر " ويشير بقوله: " وهذا نحو ما تقدم " لقوله وسئل عز الدين عن قتل الهر المؤذي، هل يجوز أم لا؟ فأجاب: إذا خرجت إذايته عن عادة القطط وتكررت إذايته جاز قتله،
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست