مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٠٠
ص: (وستة أذرع من الحجر) ش: يعني أن من شرط صحة الطواف أن يخرج الطائف بجميع بدنه عن مقدار ستة أذرع من الحجر، لأن ذلك من البيت كما ورد ذلك في الحديث الصحيح. والحجر بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم. هذا هو الصواب المعروف. قال النووي:
وحكى بعضهم فتح الحاء. وسمى حجرا لاستدارته وهو محوط مدور على صورة نصف دائرة خارج عن جدار الكعبة في جهة الشام. ويقال له الجدر - بفتح الجيم وسكون الدال المهملة - وهو من وضع الخليل عليه الصلاة والسلام وعلى ما ذكره الأزرقي في خبر رواه عن أبي إسحاق قال: وجعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام الحجر إلى جانب البيت عريشا من أراك تقتحمه العنز وكان زربا لغنم إسماعيل عليه الصلاة والسلام. ثم إن قريشا أدخلت فيه أذرعا من الكعبة كما سيأتي. وقول المصنف ستة أذرع بإثبات التاء في العدد لأن الذراع تذكر وتؤنث. قال في الصحاح: ذراع اليد يذكر ويؤنث. وتبع المصنف رحمه الله في التقييد بستة أذرع اللخمي وإن كان اللخمي لم يصرح في كتاب الحج بستة أذرع إلا أنه صرح في كتاب الصلاة بأن الذي من البيت في الحجر هو مقدار ستة أذرع، وكلامه في كتاب الحج يقتضي أن ذلك القدر هو الذي يطلب الخروج عنه في الطواف ونصه: ولا يطاف في الحجر وإن طاف فيه لم يجزه فإن الموضع الذي ينصرف الناس منه يلي البيت وهو من البيت فكأنما طاف ببعض البيت، ولو تسور من الطرف لأجزأه لأنه ليس من البيت وليس بحسن له أن يفعل ذلك انتهى.
وقد أسقط المصنف رحمه الله هنا وفي التوضيح والمناسك من كلام اللخمي قوله وليس بحسن أن يفعل مع أن ذلك متعين لأن كلام المصنف يقتضي أنه لو فعل ذلك لم يكن فيه بأس، وكلام اللخمي يقتضي أنه ليس بحسن وغير الحسن مكروه أو خلاف الأولى.
قلت: وكلام أصحابنا المتقدمين يقتضي أنه لا يصح الطواف إلا من وراء الحجر جميعه.
قال في المدونة: ولا يعتد بما طاف في داخل الحجر ويبني على ما طاف خارجا منه، وإن لم يذكر حتى ترجع إلى بلده فليرجع وهو كمن لم يطف. قال صاحب الطراز في شرح هذه المسألة: لأن الطواف إنما شرع بجميع البيت إجماعا، فإذا سلك في طوافه الحجر أو على جداره أو على شاذروان البيت لم يعتد بذلك، وهو قول الجمهور انتهى. فصرح بأنه إذا طاف على جدار الحجر أنه لا يعتد بذلك. وقد تقدم كلامه في شرح مسألة الشاذروان. وقال القاضي عبد الوهاب في المعونة: ولا يجزئ الطواف داخل الحجر خلافا لأبي حنيفة لقوله (ص): الحجر من البيت وإذا ثبت أنه من البيت لم يجز أن يطوف فيه لقوله تعالى * (وليطوفوا بالبيت
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست