مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٩٦
أن طهارة الحدث شرط في ابتداء الطواف ودوامه، فمن أحدث في أثناء طوافه فقد بطل طوافه ولا يجوز له البناء على ما مضى منه إذا تطهر ولو كان قريبا، وسواء كان حدثه غلبة أو سهوا أو عمدا؟ وسواء كان الطواف واجبا أو تطوعا، فإن كان الطواف واجبا توضأ واستأنفه، وإن كان تطوعا لم يكن عليه إعادته إلا أن يتعمد الحدث، فإن توضأ وبنى على ما طافه فهو كمن لم يطف. هكذا قال ابن القاسم. وقال ابن حبيب عن مالك: إذا أحدث في الطواف فليتوضأ ويبني. قال ابن يونس: ورواية ابن حبيب هذه ضعيفة. وظاهر كلام ابن يونس أن له أن يفعل ذلك ابتداء على رواية ابن حبيب، وظاهر كلام ابن الحاجب أن خلاف ابن حبيب إنما هو بعد الوقوع وهذا هو الظاهر. وقد نص ابن حبيب في الواضحة على أنه إذا انتقض وضوؤه وهو يطوف أنه يقطع ويبتدئ الطواف من أوله إن كان واجبا وهو مخير في التطوع. ونقل المصنف في التوضيح عن صاحب النوادر والباجي أنهما نقلا عن ابن حبيب أنه قال: إن انتقض وضوؤه قبل ركعتين ابتدأ الطواف إن كان واجبا وهو مخير في التطوع انتهى. فإذا كان يبتدئه إذا انتقض وضوؤه قبل الركعتين فأحرى أن يبتدئه إذا انتقض في أثنائه، ولم أقف في مختصر الواضحة على حكم ما إذا لم يقطع ويبني والله أعلم.
تنبيهات: الأول: لم يذكر المصنف حكم من انتقض وضوؤه قبل أن يصلي الركعتين والحكم فيه أن يتوضأ ويعيد الطواف، فأتوضأ وصلى الركعتين وسعى فإنه يعيد الطواف والركعتين والسعي ما دام بمكة أو قريبا منها، فإن تباعد من مكة فليركعهما بموضعه ويبعث بهدي. قال ابن المواز: لا تجزئه الركعتان الأوليان. انتهى من ابن يونس.
الثاني: إذا قلنا لا يجوز للمحدث البناء فجاء وبنى على ما طاف أولا ثم علم أنه لا يصح له البناء على ما قبل الحدث، فالظاهر أن له أن يبني على ما طافه الآن ويكمل سبعة أشواط ويجزئه، وكذا أيضا من شرع في سبع فطاف بعضه فلما وصل للحجر الأسود في بعض الأشواط ظن أنه قد أكمله فنوى سبعا آخر ثم تذكر، فالظاهر أنه يبني على ما طافه أولا إن كان الطواف نافلة. ومثله أيضا لو غفل من الأول بالكلية ولم يخطر بباله إكماله ولا عدمه غير أنه لما وصل إلى الحجر الأسود ظن أنه كما جاء ليبتدئ الطواف فنوى حينئذ طواف سبع ثم تذكر بعد ذلك، فالظاهر أنه يبني هنا أيضا، على ما طافه أولا ويكمل سبعة أشواط ويجزئه إن كان الطواف نافلة، وأما إن كان الطواف الأول فريضة والذي نواه نافلة فالامر محتمل والأحوط أنه يبتدئ الطواف. وقد قال في الطراز في شرح المسألة الثامنة عشر في باب حكم منى والرمي: لو اعتقد شخص أنه في الشوط السابع ثم تبين له أنه الخامس أنه يتم على ذلك ولا يقول أحد إنه يعيد انتهى والله أعلم.
الثالث: وقع في كلام الشارح هنا في الكبير والوسط بعد أن ذكر المشهور وذكر عن
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست