مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٩١
بدأ في طوافه بالركن اليماني فإذا فرغ من سعيه أتم ذلك فتمادى من اليماني إلى الأسود، فإن لم يذكر حتى طال أو انتقض وضوؤه أعاد الطواف والسعي وإن خرج من مكة وتباعد أجزأه أن يبعث بهدي ولا يرجع. وقاله أصبغ. وإن كان بتعمد فليبتدئ إلا فيما لا تراخي في مثله مثل أن يعدل إلى بعض المسجد ثم يستفيق فليبن كمن يخرج من مصلاه إلى مثل جوانب المسجد وإيوانه، وإن كان ذلك منه بنسيان أو جهل ولم يتباعد فليبن ما لم ينتقض وضوؤه أو يطل انتهى. وقوله: من سبعه بضم السين وسكون الموحدة يعني طوافه. وقوله: وإن كان متعمدا إلى آخره يعني أن من ابتدأ من الركن اليماني عمدا وأتم إليه فإنه يبتدئ الطواف إلا أن يكون لم يحصل في ذلك طوال فإنه يبن ما لم ينتقض وضوؤه أو يطل جدا، ففرق في ذلك بين العمد وبين النسيان والجهل، فمن فعل ذلك عمدا ثم خرج إلى السعي وسعى بعض السعي فظاهر كلامه أنه لا يبني وهو ظاهر، وإن فعل ذلك نسيانا أو جهلا ثم ذكر في أثناء السعي ولم ينتقض وضوؤه فإنه يرجع فيبني، وكذلك لو ذكر بعد السعي بالقرب ولم ينتقض وضوؤه كما سيأتي فيمن نسي بعد طواف. وجعل الجاهل في هذه المسألة كالناسي فتأمله. ثم قال في الموازية: ومن ابتدأ طوافه من بين الحجر الأسود وبين الباب بالشئ اليسير ثم ذكر قال: يجزئه ولا شئ عليه. وإن ابتدأ من باب البيت ألغى ما مشى من باب البيت إلى الركن الأسود ولا يعتد به انتهى. قلت: ونقله المصنف في توضيحه ومناسكه، ونقله أيضا غيره وهو محتاج إلى بيان. فأما من ابتدأ من باب البيت فالحكم فيه كما تقدم فيمن ابتدأ بالركن اليماني في البناء والابتداء وعمد الرجوع، وأما من ابتدأ من بين الحجر الأسود والباب وأتم إلى الحجر الأسود فقوله: يجزئه يريد أنه لا يلغي ذلك بل يتم إلى المحل الذي ابتدأ منه ويجزئه، وأما من ابتدأ من بين الحجر الأسود والباب ولم يتم إلى المحل الذي ابتدأ منه بل أتم إلى الحجر الأسود فهذا لا يجزئه ويرجع فيكمل ما بقي عليه إن كان قريبا، فإن طال أو انتقض وضوؤه أعاد طوافه وسعيه، فإن لم يذكر حتى رجع إلى بلده فيرجع لذلك من بلده، هكذا كان والدي يقرره، وخالفه في ذلك بعض طلبة العلم وقال قولهم هذا يسير ويجزئه يدل على أنه مغتفر. قلت:
والصواب الأول، وقد تقدم عن التلقين أن من ترك بعض شوط يرجع له. وقال التادلي: قال الباجي: وإن بقي عليه بعض شوط، فهل يتم ذلك الشوط أو يبتدئه؟ الذي يقتضيه قول أصحابنا أنه يبتدئ الطواف من أوله انتهى. وسيأتي أن المقبل ينصب قامته عند تقبيل الحجر لئلا يكون قد طاف وبعضه في البيت فيبطل طوافه لذلك. وقال ابن الحاج في مناسكه: من ترك من السعي ذراعا فإنه يرجع له من بلده. ونقله التادلي وابن فرحون ولم يحكوا فيه خلافا، فإذا كان السعي لا يغتفر منه ذراع وهو أخف من الطواف فأحرى أن لا يغتفر ذلك في الطواف، وسيأتي في التنبيه الثاني في كلام ابن الفاكهاني وصاحب المدخل ما يقتضي أن نقص ذلك يبطل الطواف والله أعلم.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست