مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٠٤
بتذكرة المبتدي ما نصه: وإذا قبل الطائف الحجر وقف حتى يعتدل قائما وحينئذ يأخذ في السير. قال ابن معلى: فيجب التحفظ من ذلك عند التقبيل. انتهى كلامه ونقله التادلي أيضا وقبله، ونقل ابن فرحون في مناسكه وشرحه كلام التادلي وجعل قول ابن معلى. وقد نبه المتأخرون من المالكية على قوله إلا شيخنا الفقيه المحقق من كلام التادلي وكأنه لم يقف على كلام ابن معلى في منسكه فظن أنه من كلام التادلي، وقد أشار المصنف إلى ما ذكره ابن معلى والتادلي في مناسكه وتوضيحه. قال في منسكه: ولكون الشاذروان من البيت قالوا:
ينتبه عند تقبيل الحجر إلى نكتة وهو أنه لا يطوف وهو مطأطئ الرأس بل يثبت قدميه ثم يرجع ويطوف، لأنه إن طاف مطأطئ الرأس يكون قد طاف بعض الطواف وبعضه في البيت انتهى. وقول المصنف في المناسك ثم يرجع أي يرجع قائما وليس مراده يرجع إلى جهة خلفه كما يفعله بعض الناس فيؤذي الطائفين بذلك كما يأتي في كلام ابن جماعة الشافعي ويبين ذلك كلام المصنف في توضيحه. قال: قال بعضهم: إذا قبل الحجر فليثبت قدميه ثم يرجع قائما كما كان ولا يجوز أن يقبله ثم يمشي وهو مطأطئ الرأس لئلا يحصل بعض الطواف وليس جميع بدنه خارجا عن البيت انتهى.
قلت: والذي يقتضيه كلام المصنف ومن نبه على هذه الدقيقة من المالكية أن من لم ينتبه لها وطاف ورأسه أو يده في هواء الشاذروان أن طوافه ذلك لا يصح، فإن تنبه لذلك بالقرب عاد ومشى ذلك القدر، وإن أكمل الأسبوع فيبطل ذلك الشوط ويصير حكمه حكم من ترك جزءا من طوافه. قلت: وينبغي أن يلاحظ في ذلك ما ذكرناه في الكلام على الشاذروان، وأن من لم ينتبه لذلك حتى بعد عن مكة أن لا يلزم بالرجوع لذلك مراعاة للخلاف في الشاذروان والله أعلم.
تنبيه: قال ابن رشيد في رحلته لما ذكر هذه الدقيقة: فهذه الدقيقة تغيب عن الصحابة ومن بعدهم فلا يتنبه أحد لها ولا نبه حتى نبه على ذلك بعض المتأخرين أن هذا لمن البعيد القصي في الغاية. وقال ابن فرحون: إن هذا لمن الامر البعيد الذي لا تسكن إليه نفس عاقل انتهى. وقال القباب: وقد حذر بعض المتأخرين من الشاذروان وذكر بعض كلامهم ثم قال:
ولو كان كما قالوا الحذر منه السلف الصالح لعموم البلوى بذلك مع كثرة وقوعه. فتركهم ذكره دليل أن مثله مغتفر والتوقي منه أولى، وأما أن ذلك مبطل فبعيد انتهى. وقال ابن جماعة الشافعي: ولو كان ما ذكر الشافعية أنه ينبغي الاحتراز منه عند تقبيل الحجر معتبرا لنبه سيدنا رسول الله (ص) الصحابة عليه لكونه مما تمس الحاجة إليه، ولم ينقل أنه (ص) نبه على ذلك بقول ولا فعل ولا الخلفاء الراشدون ولا الصحابة رضي الله عنهم من توفر الدواعي على النقل، وليت من يعتبر ذلك يقف عندما قالوه بل يزيد بعض المتنطعين منهم فيتأخر خطوة أو أكثر منها إلى جهة ورائه بعد تقبيل الحجر فربما آذى من خلفه بتأخره فليحذر من ذلك والله أعلم.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست