مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٣٧١
فيها قولان: لابن القاسم وابن حبيب كما حكاه أهل المذهب. وأما مسألة الحاجم فليس فيها إلا ما يفهم من كلام صاحب النوادر الذي نقله عن ابن حبيب وكونها مساوية لمسألة المحتجم أو أحرى بوجوب الكفارة. وأما ما نقلوه عن ابن القاسم فليس فيه تعرض لنفي الكفارة فيها إلا أن الذي يظهر أنه لا فرق بينهما، وأن ابن القاسم يقول بسقوط الكفارة فيها أيضا لما ذكرناه، وأن قوله أظهر من قول ابن حبيب لأنه تقدم أن ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح قالا: إن التأويل القريب هو ما كان مستندا لسبب موجود، والتأويل البعيد ما كان لسبب غير موجود كمسألتي الحمى والحيض. ومثله أيضا يقال في مسألة الغيبة أعني من اغتاب في نهار رمضان فظن أن ذلك يبطل صومه فأفطر لذلك ولكني لم أر فيها إلا قول ابن حبيب بوجوب الكفارة.
تنبيهات: الأول: جزم البساطي بحمل كلام المصنف على الاحتمال الذي ذكره الشارح فقال: قوله أو حجامة يعني من حجم غيره. وأما من احتجم فعليه القضاء فقط عند ابن القاسم قال: فإن قلت: ما الموجب لهذا المحتمل؟ قلت: إذا اطلعت على الروايات علمت وجه ذلك. ثم ذكر كلام النوادر ثم قال: وهذا يوجب الحمل على ما حمل. ثم قال: فإن قلت: لعل المشهور ما قاله ابن حبيب وأن كلامه عام فيمن حجم أو احتجم أو خاص بمن احتجم وتأول كلامه؟ قلت: هو محتمل على المعنى الثاني في تأويل حجم باحتجم بعد انتهى.
قلت: وقد تقدمت نصوص أهل المذهب، وأن الذي يظهر لي أن كلام ابن حبيب وكلام المصنف عام فيمن حجم غيره أو احتجم وأن ابن القاسم يخالف في الوجهين وأن قوله الراجح والله أعلم.
الثاني: تقدم أن إفساد الصوم بالغيبة حكي عن سفيان وعن مجاهد، وأما الحجامة فحكى صاحب الطراز عن ابن حنبل وأبي إسحاق أنهما قالا: يفطر الحاجم والمحجوم. وقال:
وعن ابن حنبل رواية أن فيه الكفارة. قال: وهو قول عطاء واختاره ابن المنذر ومحمد بن إسحاق واحتجوا بالحديث السابق، واحتج الجمهور بأنه (ص) احتجم وهو صائم.
الثالث: أجاب العلماء عن الحديث المذكور بوجوه: إما أنه منسوخ كما جزم به الشافعي، أو بأن معناه تعرض للافطار. أما المحجوم فللضعف، وأما الحاجم فلأنه لا يأمن من أن يصل إلى جوفه شئ بالمص، أو بأن معناه نقصان الاجر والله أعلم.
الرابع: من التأويل البعيد مسألة الصيام في السفر من بيت الصيام ثم أفطر متأولا فإن عليه الكفارة على مذهب المدونة الذي مشى عليه المصنف،. وسواء أفطر في السفر أو بعد دخوله إلى الحضر كما تقدم بيانه. ص: (ولزم معها القضاء إن كانت له) ش: يعني أن كل
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست