مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٣٦٨
كفارة عليه، وعذره هنا أقوى من المسائل الثلاث التي قبله إذ قد ذهب بعضهم إلى أن ذلك يبيح الافطار، وأما من أصبح في الحضر صائما فسافر دون القصر فأفطر فالظاهر أنه يجري فيها الخلاف فيمن سافر سفرا تقصر فيه الصلاة فأفطر لذلك، وسيأتي الخلاف فيه بل هو أحرى في وجوب الكفارة. ص: (أو رأى شوالا نهارا) ش: يعني أن من رأى شوالا نهارا ثلاثين في رمضان فظن أن ذلك يبيح له الافطار فأفطر فعليه القضاء ولا كفارة عليه، وظاهره سواء كانت رؤيته قبل الزوال أو بعده وهو ظاهر الرواية فقد حكاها في التوضيح فيمن رأى هلال شوال نصف النهار، وكذلك ابن عرفة ولا شك أن من رآه قبل الزوال أعذر ولوجود الخلاف في إباحة الافطار. ص: (فظنوا الإباحة) ش: راجع إلى المسائل الست، واحترز به ممن علم أنه لا يجوز له الافطار بذلك فأفطر متعمدا فلا خلاف في وجوب الكفارة عليه.
تنبيهات: الأول: تقدم من التأويل القريب مسألة وهي ما إذا ثبت هلال رمضا نهارا فظن أن ذلك لا يوجب الامساك لعدم التثبت فأفطر بعد ثبوت الهلال فلا كفارة عليه، ويأتي منه مسألتان: الأولى من أصبح صائما ثم سافر فأفطر لغير عذر متأولا أن السفر يبيح له الافطار. والثانية إذا أصبح صائما ثم عزم على السفر فأفطر قبل خروجه ظانا أن عزمه على السفر يبيح له الافطار، بل ظاهر كلام المصنف أنه لا كفارة عليه ولو أفطر متعمدا، وسيأتي الكلام على ذلك. ولم يذكر المصنف هاتين المسألتين هنا لما سيذكره بعد ذلك والله أعلم.
الثاني: يفهم من قول المصنف فظنوا الإباحة أنهم لو شكوا في الإباحة لزمتهم الكفارة وأحرى إن لم يكن عندهم إلا توهم الإباحة، وهذا ظاهر لأنهم مع ظن الإباحة يسقط عنهم الاثم كما سيأتي من كلام ابن رشد، وأما مع عدم ظن الإباحة فلا يجوز لهم الاقدام على الفطر وهم آثمون في إقدامهم على الافطار مع الشك أو مع التوهم فإن أفطروا فعليهم الكفارة والله أعلم.
الثالث: كل من ذكرنا أنه لا كفارة عليه لظنه الإباحة فالظاهر أنه لا إثم عليه لأنه لم يقصد ارتكاب محرم. وقد قال ابن رشد في آخر سماع عيسى من كتاب الصوم في مسألة من أصبح صائما ثم عزم على السفر فأفطر قبل خروجه متأولا: أظهر الأقوال أن لا كفارة عليه لأن الكفارة إنما هي تكفير للذنب ومن تأول فهم بذنب وإنما أخطأ والله تعالى قد تجاوز لامة
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست