مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٥٤
داخلها من البول والنجاسات انتهى. وقبله أبو الحسن وكذا الرجراجي في كتاب الطهارة، وعلم منه أنه لو اتصل الدخان النجس بالعرق لتنجس على المشهور في دخان النجاسة. قال الشيخ زروق: الشيوخ يذكرون في القطرة من سقفه قولين مبناهما انقلاب الأعيان انتهى. وفهم من جعل عياض بخار المياه المتنجسة نجاسا أن دخان الأشياء المتنجسة نجس، وقد توقف في ذلك البساطي، وعلم منه أيضا أن عرق الحمام من الرطوبات المستعملة فيه خلاف ما يوهمه قول البساطي في المغني إذا استحال الدخان النجس ماء، فظاهر المذهب أنه نجس لأنهم قالوا في الماء المتقاطر من حائط الحمام أنه يغسل ويحتاجون على هذا التقدير إلى جواب عما إذا استحال الطاهر ماء فإنه عندهم مطهر، وكأنه يعني - والله أعلم - من جهة أن أصل ذلك الماء إنما هو الدخان فغايته أن يكون طاهرا لا مطهرا، وقد علمت أن العرق إنما هو من رطوبات المياه المستعملة فهو جزء ماء، فإذا لم يكن فيه تغير فهو مطهر، وكذلك القدر إذا أوقد تحتها بالنجاسة وهي مغطاة ولم يصل إليها شئ من الدخان وعرق غطاؤها فهو طاهر. وفي البرزلي عن ابن قداح: الصحيح طهارة عرق الحمام وما سقط من سقفه انتهى. وقال البساطي في شرحه هنا: لو جعل في القدر ماء نجس أو متنجس وهو متغير وغطي بإناء صقيل فاستحال الدخان ماء وزال تغيره، فهل هو مطهر أم لا؟ لم أر لأصحابنا فيه نصا لكن نصوا على ما تقاطر من دخان الحمام إذا أوقد تحته بالنجاسة، فحكى أبو عمران أنه خفيف فقد يقال: إنه أضعف لان الخلاف في الماء نفسه فيضعف الخلاف في بخاره وصورتنا الماء نجس بلا خلاف انتهى. وقد علم من كلام عياض أن البخار إذا كان من نجاسة كان ما يقطر منه نجسا فلا شك في نجاسته في الصورة المذكورة.
فرع: قال في الشامل: والفخار المطبوخ بالنجاسة نجس ولو غسل وقبل أن يغلى فيه ماء كقدور المجوس، وصوب والمصوب للقول الثاني عياض، واحتج لذلك بقدور المجوس التي تطبخ فيها الميتة. فيقول الشامل كقدور المجوس تشبيه في طهارتها بالغلي لا في الخلاف واحتاج لذلك بظاهر قوله في المدونة: ولا بأس أن يوقد بعظام الميتة على طوب أو حجارة فقال: ظاهر المسألة استعمال الطوب والجير في كل شئ وطهارته إذا لم يخصه في شئ وكذلك ما طبخ به فخار وأطال في ذلك. ثم نقل عن أبي عمران أنه يقول: إن طبخت القلال والجرار وهي يابسة فهي على الكراهة، وإن طبخت رطبة فهي نجسة، ونقله عنه البرزلي وقال بعده قال: مثله الآجر.
قال: ونقل عن ابن القاسم خبثه مطلقا انتهى. ونقل البرزلي عن ابن عرفة في الشهباء وهي رماد النجاسة يخلط مع الجير والتراب ويبنى فيه بيت الماء أي مخازنه مثل البئر والماجل والخابية وطهرها أنه إذا رفع من الآبار أعلاها وغسل ظاهر الخوابي ونحوها أنها تطهر، وذلك أنه رآها متنجسة بخلط النجس مع غيره فتطهر بالغسل أو النزح، وأن الشهباء رماد النجاسة وفيه خلاف فيراعى للضرورة كغيره من المسائل. ونقل غيره مثله عنه أيضا في رماد نجس يجعل على سطح
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست