مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٥٩
امتنع كونها يابسة، أو لأنه أراد بالعلماء من ليس بمقلد فلا اعتراض بقوله، وعلى هذا فلا اعتراض بقول ابن نافع الذي يأتي انتهى.
وقوله: فيه نظر يعني ما حكاه ابن عبد البر، وقوله: إلا أن يحمل يعني ما حكاه ابن عبد البر فتأمله. قال الباجي في كتاب الجامع من المنتقى. لما تكلم على مسألة الفارة تقع في السمن، وذكر عن ابن حبيب أنها إذا ماتت فيه وكان ذائبا لا يحل أكله لان موتها فيه ينجسه. وذكر عن الموازية نحو ما ذكره ابن الإمام عن مالك أنه قال: إذا أخرجت حين ماتت لو علم أنه لم خرج منها فيه شئ ولكني أخاف فلا أحب أكله، وهذا الذي قاله ابن حبيب هو مذهب ابن الماجشون، يرى أن لموت الحيوان في الزيت وسائر المائعات مزية في تنجيسه.
وما رواه ابن المواز عن مالك أنه حكم بنجاسته لما خاف أن يخرج منه في الزيت، والقولان فيهما نظر، وذلك أن الموت عرض لا يؤثر في طهارة ولا نجاسة ولا يوصف بهما، وكذلك أيضا ما يخرج من الحيوان عند موته أو بعد ذلك لا يكون أشد نجاسة من الميتة وقد تنجس الزيت بمجاورتها، وهذا هو المشهور من مذهب مالك وأصحابه انتهى. وقال البرزلي: سئل اللخمي هل يطهر الزيت إذا وقعت فيه فأرة؟ فأجاب: هذا راجع إلى صفة النجاسات، فإن كانت دهنية فلا تقبل التطهير لأنه يعلو على الماء وينضاف للزيت ولا يذهبه الماء. وإن كانت به عكرية يقع فيها التطهير بالماء لاستهلاكه إياها، كما أن الدم ينهكه الماء ولا يعلو على الزيت، وهكذا الجواب فيما يخرج عند الموت ولو طالت إقامته حتى انتفخ فلا يصح تطهيره، لان دهنيته تخرج حينئذ وبهذا أخذ، فإن كان زمن مسغبة جاز أكل الفقراء والمساكين له، وإن لم يكن ذلك جاز الاستصباح به والانتفاع به من غير أكل ولا بيع، وأجاب الصائغ بأن غسل الزيت لا أقول به لان المراد بالغسل إزالة النجاسة ولا تزول من الزيت لمخالطتها له ولمجاورتها إياه وعدم ذهابها. وأجاب المازري أن تغير لون الزيت أو طعمه أو ريحه فلا يقبل التطهير ويراق وإن لم يتغير منه شئ، فبعض أصحاب مالك أجاز استعماله وإن لم يغسل، وبعضهم أجازه مع الغسل، وبعضهم اجتنبه أصلا، والكل متفقون على أنه لا يباع حتى يبين لعيبه. والذي عليه العمل والمشهور اجتنابه أصلا، والذي يصح عندي على أصل المحققين جواز استعماله وتطهيره عندهم أحسن والاحتياط أفضل دع ما يريبك إلى ما لا يريبك انتهى. فتحصل من هذا أن المشهور من المذهب إن ماتت فيه ميتة أو صب عليها وهي ميتة فإنه ينجس بمجرد ملاقاته وأنه لا يقبل التطهير، ومقابل المشهور أقوال. وقيل: إنه لا ينجس إذا لم يتغير ولا يحتاج إلى غسل كما حكاه البرزلي عن المازري عن بعضهم وهو شبه ما حكاه ابن الإمام وصاحب الجمع وابن فرحون عن ابن نافع في الجباب تكون في الشام للزيت تقع فيه الفأرة أنه طاهر وليس الزيت كالماء وبذلك سمعت انتهى. وجعلوه هو القول الثاني في كلام ابن الحاجب المتقدم. وقيل: إنه
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست