مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٥٨
فرع: قال ابن حارث: وإن علم أو ظن أن السمن أو الزيت إنما جمد بعد سقوط الفأرة فيه فحكمه حكم الذائب يبقى جميعه انتهى.
تنبيه: شمل قول المصنف وينجس: كثير طعام مائع بنجس قل ما مات فيه حيوان له نفس سائلة أو وقع ميتا أو صب على حيوان ميت له نفس سائلة وهو كذلك على المشهور. قال سند: إذا قلنا يطرح المائع جميعه فهل يفرق بين أن تموت فيه أو تسقط فيه ميتة؟ ففي النوادر لسحنون في زيت وجد فيه فأرة يابسة أن ذلك خفيف ويبسها يدل على أنهم صبوا عليها الزيت وهي يابسة ولم تمت فيه، ومشهور المذهب النجاسة على ما بينا وجهه. وقول سحنون: يبسها يدل على أنهم صبوا عليها الزيت لم يرد أن الزيت يرطبها لو كانت ماتت فيه بل الزيت يدبغ ويمص الرطوبات، ولكن لما صب وجدت الفأرة جافة في زمن لم يطل مقامها في الزيت حتى تمص فدل جفافها في تلك الحال على أنها كانت متقدمة على صب الزيت انتهى. وقال البرزلي: سئل النيسابوري عمن باع زيتا فاكتاله المشتري وهو ثمانية أقفزة، فجاء المشتري يفرغه في وعائه والبائع فوجد فأرميت. فأجاب إن كان يعرف الزياتون ما صب عليه الزيت مما وقع في الزيت وكانوا يميزون ذلك ولا يختلط بما صب عليه يباع ويبين لمن اشتراه وما وقع فيه فلا يجوز بيعه ولو غسل، لكن من أراد ممن كان له أو ملكه أن يستصبح به فليفعل ويتحفظ منه لئلا يصيبه منه شئ فينجسه ولا يوقد في المسجد. قال البرزلي: قوله في الأول يباع ويبين ويقرب مما تقدم مما إذا وجد الفأر يابسا أن مالكا وسحنون خففاه، وتقدم أن المشهور خلافه. وأما القسم الثاني فهو جار على المشهور انتهى. وقال ابن الإمام في شرح قول ابن الحاجب: وفي قليل النجاسة في كثير الطعام المائع قولان ما نصه المشهور نجس وهو ظاهر المدونة فيما ماتت فيه دابة من عسل ذائب لاطلاقه لا يؤكل ولا يباع دون تقييد بكونه قليلا، وهو قول ابن القاسم فيمن فرغ عشر جرار سمن في ستين زقا ثم وجد في جرة منها فأرة يابسة لا يدري في أي الزقاق فرغها أنه يحرم عليه أكل جميعها وبيعه، وقول الجمهور أيضا. قال ابن بطال: لا خلاف بين أئمة الفتوى أنه لا يؤكل سمن مائع وزيت وخل ونحوه يقع فيه الميتة. وقد حكى ابن عبد البر إجماع العلماء على نجاسة السمن الذائب وشبهه، قليلا كان أو كثيرا، إذا ماتت فيه فأرة أو وقعت ميتة. قال: وشذ قوم ممن لا يعد عند أهل العلم خلافا فجعلوا المائع كله كالماء وفيه نظر، لان مالكا قال: إذا أخرجت الفأرة من الزيت حين ماتت أو علم أنه لم يخرج منها شئ فيه لكني أخاف فلا أحب أكله. قال سحنون في زيت وجدت فيه فأرة يابسة: ذلك خفيف لان يبسها دل على أنها لم تمت فيه وإنما صب عليها وهو يابسة إلا أن يحمل ما حكي على طول مقامها في الحالين، ولا اعتراض بقول سحنون على هذا لدلالة يبسها على موتها قبل صبه لامتناع يبسها مع موتها فيه، وعلى أنها أخرجت بقرب صبه وإلا
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست