مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٥٣
الصلاة في قول ابن القاسم: لا بأس أن يتبخر بلحوم السباع إذا كانت ذكيت، وإن كانت ميتة ولم يكن دخانها يعلق بالثياب كما يعلق دخان عظام الميتة فلا بأس به وأرجو أن يكون خفيفا، وإن كان يعلق بالثياب فلا يعجبني. ابن رشد: حكم دخان الميتة حكم رمادها، والاختلاف في ذلك جار على الاختلاف في طهارة جلد الميتة المدبوغ، ثم قال: والأظهر من طريق القياس الطهارة انتهى. وعزى ابن عرفة هذه المسألة لسماع ابن القاسم وليست فيه، ولم يذكر كلام ابن رشد هنا وظاهر كلام غير واحد النجاسة بل نقل ابن عرفة عن المازري أنه قال: دخان النجاسة أشد من رمادها. ولهذا قال في الشامل: ورماد النجس نجس. وخرج من لبن الجلالة وبيضها طهارته وهل دخانه كذلك أو طاهر خلاف انتهى. فتحصل من هذا أنه لا يوقد بالنجاسة لا على خبز ولا طعام ولا شراب ولا تسخين ماء، فإن فعل ذلك ولم يصل من الرماد والدخان شئ إلى المطبوخ والمخبوز فهو طاهر، وإن كان يصل إليه شئ من الرماد فهو نجس، أو من الدخان فنجس أيضا على ما مشى عليه المصنف خلافا لابن رشد.
تنبيهات: الأول: قال في التوضيح في البيوع قال شيخنا: ينبغي أن يرخص في الخبز بالزبل بمصر لعموم البلوى ومراعاة لمن يرى أن النار تطهر، وأن رماد النجاسة طاهر، وللقول بطهارة زبل الخيل، وللقول بكراهته منها ومن البغال والحمير قال: فيخفف الامر مع هذا الخلاف وإلا فيتعذر على الناس أمر معيشتهم غالبا، والحمد لله على خلاف العلماء فإنه رحمة للناس.
الثاني: علم مما تقدم في سماع سحنون أن الدخان النجس لا ينجس ما لاقاه بمجرد الملاقاة بل إنما ينجس إذا علق، والظاهر أن المراد بالعلوق أن يظهر أثره وأن مجرد الرائحة فلا.
الثالث: ذكر في الطراز عن مالك في المرتك المصنوع من عظام الميتة لا يصلى به. وعن ابن الماجشون أنه يصلى به. وقال ابن عرفة: روى الشيخ إن جعل مرتك صنع من عظم ميتة لقرحة وجب غسله. ابن حبيب: إن لم يغسله فليس بنجاسة لحرقه بالنار. وخفف ابن الماجشون الصلاة به. قال ابن الحاجب: والمرهم النجس يغسل على الأشهر.
الرابع: قال ابن القاسم في الرسم المتقدم: ولا أرى أن يوقد بها في الحمامات انتهى.
فإن جعل فعل ما تقدم. وأما عرق الحمام فقال عياض في كتاب البيوع الفاسدة خفف أبو عمر أن ما يقطر من عرف الحمام وإن أوقد تحته بالنجاسة ورأي أن رطوبة النجاسة لا تصعد إلى ذلك العرق للحائل بينها وبينه من أرض الحمام وخروج أدخنته عنه خارجا، وإنما ذلك العرق من بخار الرطوبة والمياه المستعملة فيه وهذا على أنها طاهرة، ولو كانت نجسة لكان البخار المتصعد منها وعرقها نجس كدخان النجاسة وبخارها فإنه لا شك بعض أجزائها، وعلى هذا ينبغي أن يحمل عرق الحمامات التي يستعمل في غسلها مياه الحياض النجسة ولا يتحفظ
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست