إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ١٧
يحضر إحرام الامام، وإلا بأن حضره وأخر، فاتته عليهما أيضا، وإن أدرك الركعة. (قوله: ويندب ترك الاسراع) أي في المشي ليدرك تكبيرة الاحرام، وذلك لخبر: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. قال ع ش: وفي فضل الله تعالى حيث قصد امتثال أمر الشارع بالتأني أن يثيبه على ذلك قدر فضيلة التحرم أو فوقها. وقوله: وإن خاف أي لو لم يسرع، وهو غاية لندب ترك الاسراع. (قوله:
وكذا الجماعة) أي وكذلك يندب ترك الاسراع وإن خاف فوت الجماعة. وقوله: على الأصح مقابلة يقول إذا خاف فوتها ندب له الاسراع. (قوله: إلا في الجمعة فيجب) أي الاسراع. والمناسب أن يقول إلا في الجمعة فلا يندب ترك الاسراع بل يجب. وفي النهاية: فإن ضاق الوقت وخشي فواته إلا به أسرع كما لو خشي فوات الجمعة. قال الأذرعي:
ولو امتد الوقت وكانت لا تقوم إلا به، ولو لم يسرع لتعطلت، أسرع أيضا. وكتب ع ش: قوله أسرع أي وجوبا، وقوله:
وكانت أي الصلوات. وقوله أسرع أيضا أي وجوبا. (قوله: ويسن لامام ومنفرد انتظار إلخ) أي بشروط تسعة، ذكر معظمها: أن يكون الانتظار في الركوع أو التشهد الأخير، وأن لا يخشى فوت الوقت، وأن يكون الذي ينتظره داخل محل الصلاة دون من هو خارجها، وأن ينتظره لله تعالى لا لتودد ونحوه وإلا كره، وأن لا يبالغ في الانتظار، وأن لا يميز بين الداخلين، وأن يظن أن يقتدي به ذلك الداخل، وأن يظن أنه يرى إدراك الركعة بالركوع، وأن يظن أن يأتي بالاحرام على الوجه المطلوب من كونه في القيام. فإن اختل شرط من هذه الشروط كره الانتظار. نص عليه في التحفة. وفصل الخطيب في مغنيه، فقال: إن خالف في اشتراط الركوع والتشهد، بأن انتظر في غيرها كره، وإن خالف في غير ذلك فخلاف الأولى لا مكروه. قال: نبه على ذلك شيخي. اه‍. بالمعنى. (قوله: داخل) أي متلبس بالدخول وشارع فيه بالفعل. وخرج به ما لو أحس الامام به قبل شروعه في الدخول فلا يسن له الانتظار. وقوله: محل الصلاة أي وإن اتسع جدا، إذا كان مسجدا أو بناء. فإن كان فضاء فلا بد أن يقرب من الصف الآخر عرفا إن تعددت الصفوف. (قوله: مريد الاقتداء به) حال من داخل أو من الضمير المستتر فيه، أي حال كونه مريدا الاقتداء بالامام، أي بحسب ظنه بأن عرف من عادته ذلك، فإن لم يرد الاقتداء به بحسب ذلك لم يسن له انتظاره. (قوله: في الركوع والتشهد الأخير) الجار والمجرور متعلق بانتظار. وإنما سن في الأول إعانة على إدراك الركعة، وفي الثاني إعانة على إدراك الجماعة. ومحل سنية الانتظار في الركوع إذا لم يكن الركوع الثاني من صلاة الكسوف، وإلا فلا ينتظر فيه لان الركعة لا تحصل بإدراكه. وقوله:
لله تعالى متعلق بانتظار. ومعنى كونه لله تعالى أن لا يكون له غرض في الانتظار إلا إدراك الركعة أو الفضيلة. (قوله: بلا تطويل) متعلق بانتظار أيضا. والمراد به أنه لو وزع على القيام والركوع والسجود ونحوها من أفعال الصلاة لعد كل منها طويلا في عرف الناس، وهذا القيد بالنسبة للامام فقط. أما المنفرد فلا يكره التطويل في حقه مطلقا، بل ينتظره، ولو مع التطويل، لانتفاء المشقة على المأمومين المعلل بها كراهة التطويل. كذا في التحفة وغيرها. وفي سم ما نصه: لا يبعد أنه - أي المنفرد - ينتظر أيضا غير الداخل، ولو مع نحو تطويل لتحصل الجماعة. اه‍. وعليه فيكون قوله داخل محل الصلاة قيد في الامام فقط أيضا، ولو اقتصر الشارح - كغيره - على الامام في قوله ويسن لامام ومنفرد، لكان أولى.
فتدبر. ولو انتظر الامام واحدا بلا مبالغة وجاء آخر وانتظره كذلك - أي بلا مبالغة - وكان مجموع الانتظارين فيه مبالغة: فإنه يكره بلا شك كما في التحفة والنهاية وغيرهما. وقوله: وتمييز أي وبلا تمييز بين الداخلين، بل يسوي بينهم في الانتظار، فإن ميز، ولو لعلم، أو شرف، أو أبوه، كره ذلك. وفي البجيرمي ما نصه: وانظر ما صورة الانتظار لله مع التمييز لأنه متى ميز لم يكن الانتظار لله. وذكر في الروضة أن الانتظار لغير الله هو التمييز، فليحرر. ح ل. ويمكن أن يكون أصل الانتظار لله لكنه انتظر زيدا مثلا لخصاله الحميدة. ولم ينتظر عمرا مثلا لفقد تلك الخصال فيه، فالانتظار لله وجد مع التمييز. ألا ترى أنه إذا كان يتصدق لله ويعطي زيدا لكونه فقيرا ولم يعط عمرا لكونه غنيا فوجد هنا التمييز مع كون
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست