مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٧
فالوصية بالزائد مكروهة كما قاله المتولي وغيره وإن قال القاضي وغيره بحرمتها.
تنبيه: عبارة المصنف أولى من قول المحرر لا ينبغي أن يوصي بأكثر من ثلث ماله، لأن معناها لا يطلب، وهو إما على سبيل الوجوب أو الندب فيصدق بالمباح والحرام والمكروه، بخلاف عبارة الكتاب فإنها لا تصدق بالمباح لأنه ينبغي إما أن تكون بمعنى يندب كما حليته عليه أو يجب، ولم يقل أحد بالإباحة فيما علمت، ولا فرق بين أن يقصد بذلك حرمان الورثة أم لا، وإن قال بعض المتأخرين أنه يجزم بحرمتها حينئذ، لأن تنفيذه متوقف على إجازتهم. وسن أن ينقص عن الثلث شيئا خروجا من خلاف من أوجب ذلك، ولاستكثار الثلث في الخبر، وسواء أكانت الورثة أغنياء أم لا، وإن قال المصنف في شرح مسلم: إنهم إذا كانوا أغنياء لا يستحب النقص وإلا استحب. (فإن زاد) في الوصية على الثلث (ورد). (الوارث) الخاص المطلق التصرف، (بطلت في الزائد) على الثلث بالاجماع لأنه حقه أما إذا لم يكن له وارث خاص فالوصية بالزائد لغو لأنه حق المسلمين فلا مجيز، أو كان هو محجور عليه بسفه أو صغر أو جنون فلا عبرة بقوله. ومقتضى إطلاقهم أن الامر يوقف إلى تأهل الوارث وهو كذلك إن توقعت أهليته، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين، قال شيخي رحمه الله: لأن يد الوارث عليه فلا ضرر عليه في ذلك. (وإن أجاز) المطلق التصرف (فإجازته تنفيذ) أي إمضاء لتصرف الموصي بالزائد، وتصرفه موقوف على الإجازة، لأنه تصرف مضاف لملك. وحق الوارث إنما يثبت في ثاني الحال فأشبه بيع الشقص المشفوع. (وفي قول عطية) أي هبة (مبتدأة) من الوارث، فيعتبر فيها شروطها. قال الزركشي: وهذا الخلاف لا يختص بالوارث كما يقتضيه إطلاقهم بل أصحاب الديون المستغرقة كذلك، حتى لو أجازوا ورد الوارث لم يلتفت إليه لأن الحق إنما هو للغرماء، ولا ينتقل للوارث إلا بسقوط الدين أصلا، والإجازة لا تسقط الدين بدليل أنه لو ظهر له دفين ونحوه وفوا منه، وإذا قلنا تنفيذ فالظاهر أنه لا يحسب من ثلث من يجيز في مرضه للموصى له، ولا يتوقف على إجازة ورثة من يجيز في مرضه لوارثه اه‍. وقوله: (والوصية بالزيادة لغو) لا فائدة له بعد الحكم بكون الزيادة عطية من الوارث، ولو كان الوارث محجورا عليه بفلس. فإن قلنا الإجازة ابتداء عطية فليس له ذلك، وإن قلنا تنفيذ قال الأذرعي: فالقياس صحته، وفيه وقفة، والأشبه المنع لأنه ملكه الآن، ولم يحضرني فيه نقل اه‍. ويؤيد القياس كلام الزركشي السابق. (ويعتبر المال) الموصى بثلثه (يوم الموت) لأن الوصية تمليك بعد الموت، فلو أوصى بعبد ولا عبد له ثم ملك عند الموت عبدا تعلقت الوصية به ولو زاد ماله تعلقت الوصية به. (وقيل) يعتبر (يوم الوصية) وعليه تنعكس الأحكام السابقة، كما لو نذر التصدق بثلث ماله فإنه يعتبر يوم النذر. وأجاب الأول بأن ذلك وقت اللزوم فهو نظير الموت في الوصية.
تنبيه: لا يخفى أن الثلث الذي تنفذ فيه الوصية هو الثلث الفاضل بعد الدين، فلو كان عليه دين مستغرق لم تنفذ الوصية في شئ لكنها تنعقد حتى ننفذها لو أبرأ الغريم أو قضى عنه كما جزم به الرافعي وغيره. (ويعتبر من الثلث) الذي يوصي به (أيضا عتق علق بالموت) سواء أعلق في الصحة أم في المرض.
تنبيه: هذه المسألة معطوفة على قوله: ينبغي الخ كما يدل عليه قوله: أيضا فإنه مصدر آض: أي رجع. (و) يعتبر أيضا (تبرع نجز في مرضه) الذي مات فيه، (كوقف وهبة وعتق وإبراء) لخبر: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم رواه ابن ماجة، وفي إسناده مقال. ولو وهب في الصحة وأقبض في المرض اعتبر من الثلث أيضا، إذ لا أثر لتقدم الهبة. وخرج بتبرع ما لو استولد في مرض موته فإنه ليس تبرعا بل إتلاف واستمتاع فهو من رأس المال وبمرضه تبرع نجز في صحته فيحسب من رأس المال. لكن يستثنى من العتق في مرض الموت عتق أم الولد إذا أعتقها في مرض موته فإنه ينفذ من رأس المال كما سيأتي في محله مع أنه تبرع
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460