الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٢٩
منفصلة عن المسجد قريبة منه للاذان لأنها مبنية له معدودة من توابعه، وقد اعتاد الراتب صعودها وألف الناس صوته، فيعذر فيه ويجعل زمن الاذان كالمستثنى من اعتكافه. ويجب في اعتكاف منذور متتابع قضاء زمن خروجه من المسجد لعذر لا يقطع التتابع كزمن حيض ونفاس وجنابة غير مفطرة لأنه غير معتكف فيه إلا زمن نحو تبرز مما يطلب الخروج له ولم يطل زمنه عادة كأكل وغسل جنابة وأذان مؤذن راتب، فلا يجب قضاؤه لأنه مستثنى إذ لا بد منه ولأنه معتكف فيه، بخلاف ما يطول زمنه كمرض وعدة وحيض ونفاس. (ويبطل) الاعتكاف المنذور وغيره (بالوطئ) من عالم بتحريمه ذاكرا للاعتكاف سواء أوطئ في المسجد أم خارجه عند خروجه لقضاء حاجة أو نحوها لمنافاته العبادة البدنية. وأما المباشرة بشهوة فيما دون الفرج كلمس وقبلة فتبطله إن أنزل وإلا فلا تبطله لما مر في الصوم، وخرج بالمباشرة ما إذا نظر أو تفكر فأنزل فإنه لا يبطل، وبالشهوة ما إذا قبل بقصد الاكرام أو نحوه أو بلا قصد فلا يبطله إذا أنزل والاستمناء كالمباشرة، ولو جامع ناسيا للاعتكاف أو جاهلا فكجماع الصائم ناسيا صومه أو جاهلا فلا يضر كما مر في الصيام، ولا يضر في الاعتكاف التطيب والتزين وقص شارب ولبس ثياب حسنة ونحو ذلك من دواعي الجماع لأنه لم ينقل أنه (ص) تركه ولا أمر بتركه والأصل بقاؤه على الإباحة، وله أن يتزوج ويزوج بخلاف المحرم، ولا تكره له الصنائع في المسجد كالخياطة والكتابة ما لم يكثر منها، فإن أكثر منها كرهت لحرمته إلا كتابة العلم فلا يكره الاكثار منها لأنها طاعة كتعليم العلم ذكره في المجموع. وله أن يأكل ويشرب ويغسل يديه فيه والأولى أن يأكل في سفرة أو نحوها، وأن يغسل يده في طست أو نحوها ليكون أنظف للمسجد، ويجوز نضحه بمستعمل خلافا لما جرى عليه البغوي من الحرمة لاتفاقهم على جواز الوضوء فيه وإسقاط مائه في أرضه مع أنه مستعمل، ويجوز الاحتجام والفصد في إناء مع الكراهة إذا أمن تلويث المسجد، ويحرم البول فيه في إناء، والفرق بينه وبين ما تقدم أن الدم أخف منه لما مر أنه يعفى عنها في محلها وإن كثرت إذا لم تكن بفعله، إن اشتغل المعتكف بالقرآن والعلم فزيادة خير لأنه طاعة في طاعة.
خاتمة: يسن للمعتكف الصوم للاتباع وللخروج من خلاف من أوجبه، ولا يضر الفطر بل يصح اعتكاف الليل وحده لخبر الصحيحين، أن عمر رضي الله تعالى عنه قال: يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية قال: أوف بنذرك فاعتكف ليلة ولخبر أنس: ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه ولو نذر اعتكاف شهر بعينه فبان إنه انقضى قبل نذره لم يلزمه شئ لأن اعتكاف شهر قد مضى محال. وهل الأفضل للمتطوع بالاعتكاف الخروج لعيادة المريض أو دوام الاعتكاف؟ قال الأصحاب: هما سواء. وقال ابن الصلاح: إن الخروج لها مخالف للسنة لأن النبي (ص) لم يكن يخرج لذلك وكان اعتكافه تطوعا. وقال البلقيني: ينبغي أن يكون موضع التسوية في عيادة الأجانب، أما ذوو الرحم والأقارب والأصدقاء والجيران. فالظاهر أن الخروج لعيادتهم أفضل لا سيما إذا علم أنه يشق عليهم، وعبارة القاضي الحسين مصرحة بذلك وهذا هو الظاهر والله تعالى أعلى وأعلم.
كتاب الحج
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب بيان أحكام الطهارة 15
3 فصل في بيان ما يطهر بالدباغ وما يستعمل من الآنية وما يمتنع 25
4 فصل في السواك 30
5 فصل في الوضوء 32
6 فصل في الاستنجاء 48
7 فصل في بيان ما ينتهى به الوضوء 54
8 فصل في موجب الغسل 58
9 فصل في أحكام الغسل 62
10 فصل في الإغتسالات المسنونة 64
11 فصل في المسح على الخفين 66
12 فصل في التيمم 70
13 فصل في إزالة النجاسة 80
14 فصل في الحيض والنفاس والاستحاضة 87
15 كتاب الصلاة 96
16 فصل فيمن تجب عليه الصلاة وفي بيان النوافل 103
17 فصل في شروط الصلاة وأركانها وسننها 110
18 فصل في أركان الصلاة 118
19 فصل فيما يختلف فيه حكم الذكر والأنثى في الصلاة 134
20 فصل فيما يبطل الصلاة 135
21 فصل فيما تشتمل عليه الصلاة وما يجب عند العجز عن القيام 141
22 فصل في سجود السهو في الصلاة 143
23 فصل في بيان الأوقات التي تكره فيها الصلاة بلا سبب 148
24 فصل في صلاة الجماعة 149
25 فصل في صلاة المسافر 157
26 فصل في صلاة الجمعة 162
27 فصل في صلاة العيدين 172
28 فصل في صلاة الكسوف للشمس والخسوف للقمر 174
29 فصل في صلاة الاستسقاء 176
30 فصل في كيفية صلاة الخوف 180
31 فصل فيما يجوز لبسه من الحرير للمحارب وغيره وما لا يجوز 183
32 فصل في الجنازة 184
33 كتاب الزكاة 195
34 فصل في بيان نصاب الإبل وما يجب إخراجه 199
35 فصل في بيان نصاب البقر وما يجب إخراجه 200
36 فصل في بيان نصاب الغنم وما يجب إخراجه 201
37 فصل في زكاة خلطة الأوصاف 202
38 فصل في بيان نصاب الذهب والفضة وما يجب إخراجه 203
39 فصل في بيان نصاب الزروع والثمار وما يجب إخراجه 205
40 فصل في زكاة العروض والمعدن والركاز وما يجب إخراجه 208
41 فصل في زكاة الفطر 209
42 فصل في قسم الصدقات 212
43 كتاب الصيام 215
44 فصل في الاعتكاف 226
45 كتاب الحج 230
46 فصل في محرمات الاحرام وحكم الفوات 237
47 فصل في الدماء الواجبة وما يقوم مقامها 241
48 كتاب البيوع وغيرها من أنواع المعاملات 250
49 فصل في الربا 254
50 فصل في السلم 267
51 فصل في الرهن 272
52 فصل في الحجر 276
53 فصل في الصلح 279
54 فصل في الحوالة 285
55 فصل في الضمان 288
56 فصل في كفالة البدن 290
57 فصل في الشركة 291
58 فصل في الوكالة 294
59 فصل في الاقرار 299
60 فصل في العارية 303
61 فصل في الغصب 306