الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٢٧
وخبر الصحيحين: إنه (ص) اعتكف العشر الأوسط من رمضان، ثم اعتكف العشر الأواخر منه ولازمه حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده. وهو من الشرائع القديمة قال تعالى * (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين) * (والاعتكاف سنة) مؤكدة وهي (مستحبة) أي مطلوبة في كل وقت في رمضان وغيره بالاجماع ولاطلاق الأدلة. قال الزركشي فقد روي: من اعتكف فواق ناقة فكأنما أعتق نسمة وهو في العشر الأواخر من رمضان أفضل منه في غيره لطلب ليلة القدر، فيحييها بالصلاة والقراءة وكثرة الدعاء فإنها أفضل ليالي السنة. قال تعالى * (ليلة القدر خير من ألف شهر) * أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وفي الصحيحين: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه. وهي منحصرة في العشر الأواخر كما نص عليه الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وعليه الجمهور، وأنها تلزم ليلة بعينها، وقال المزني وابن خزيمة: إنها منتقلة في ليالي العشر جمعا بين الأحاديث واختاره في المجموع والمذهب الأول. قال النووي في شرح مسلم: ولا ينال فضلها إلا من أطلعه الله عليها. لكن قال المتولي: يستحب التعبد في كل ليالي العشر حتى يجوز الفضيلة على اليقين، فظاهر هذا أنه يجوز فضلها سواء اطلع عليها أم لا وهذا أولى.
نعم حال من اطلع عليها أكمل إذا قام بوظائفها وروي عن أبي هريرة مرفوعا: من صلى العشاء الأخيرة في جماعة من رمضان فقد أدرك ليلة القدر وميل الشافعي رحمه الله تعالى إلى أنها ليلة الحادي والعشرين أو الثالث والعشرين. وقال ابن عباس وأبي: هي ليلة سبع وعشرين وهو مذهب أكثر أهل العلم وفيها نحو الثلاثين قولا ومن علاماتها أنها طلقة لا حارة ولا باردة، وتطلع الشمس في صبيحتها بيضاء ليس فيها كثير شعاع. ويندب أن يكثر في ليلتها من قول: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني وأن يجتهد في يومها كما يجتهد في ليلتها، وخصت بها هذه الأمة وهي باقية إلى يوم القيامة، ويسن لمن رآها أن يكتمها. (وله) أي الاعتكاف (شرطان) أي ركنان فمراده بالشرط ما لا بد منه بل أركانه أربعة كما ستعرفه. الأول: (النية) بالقلب كغيره من العبادات، وتجب نية فرضية في نذره ليتميز عن النفل وإن أطلق الاعتكاف بأن لم يقدر له مدة كفته نية، وإن طال مكثه، لكن لو خرج من المسجد بلا عزم عود وعاد جددها سواء أخرج لتبرز أم لغيره لأن ما مضى عبادة تامة، فإن عزم على العود كانت هذه العزيمة قائمة مقام النية. ولو قيده بمدة كيوم وشهر وخرج لغير تبرز وعاد جدد النية أيضا وإن لم يطل الزمن لقطعه الاعتكاف بخلاف خروجه لتبرز فإنه لا يجب تجديدها، وإن طال الزمن فإنه لا بد منه فهو كالمستثنى عند النية، لا إن نذر مدة متتابعة فخرج العذر لا يقطع التتابع فلا يلزمه تجديد سواء أخرج لتبرز أم لغيره. (و) الثاني (اللبث) بقدر ما يسمى عكوفا أي إقامة، بحيث يكون زمنها فوق زمن الطمأنينة في الركوع ونحوه فلا يكفي قدرها ولا يجب السكون بل يكفي التردد فيه. وأشار إلى الركن الثالث بقوله (في المسجد) فلا يصح في غيره للاتباع رواه الشيخان وللاجماع ولقوله تعالى * (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) * والجامع أولى من بقية المساجد لكثرة الجماعة فيه، ولئلا يحتاج إلى
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب بيان أحكام الطهارة 15
3 فصل في بيان ما يطهر بالدباغ وما يستعمل من الآنية وما يمتنع 25
4 فصل في السواك 30
5 فصل في الوضوء 32
6 فصل في الاستنجاء 48
7 فصل في بيان ما ينتهى به الوضوء 54
8 فصل في موجب الغسل 58
9 فصل في أحكام الغسل 62
10 فصل في الإغتسالات المسنونة 64
11 فصل في المسح على الخفين 66
12 فصل في التيمم 70
13 فصل في إزالة النجاسة 80
14 فصل في الحيض والنفاس والاستحاضة 87
15 كتاب الصلاة 96
16 فصل فيمن تجب عليه الصلاة وفي بيان النوافل 103
17 فصل في شروط الصلاة وأركانها وسننها 110
18 فصل في أركان الصلاة 118
19 فصل فيما يختلف فيه حكم الذكر والأنثى في الصلاة 134
20 فصل فيما يبطل الصلاة 135
21 فصل فيما تشتمل عليه الصلاة وما يجب عند العجز عن القيام 141
22 فصل في سجود السهو في الصلاة 143
23 فصل في بيان الأوقات التي تكره فيها الصلاة بلا سبب 148
24 فصل في صلاة الجماعة 149
25 فصل في صلاة المسافر 157
26 فصل في صلاة الجمعة 162
27 فصل في صلاة العيدين 172
28 فصل في صلاة الكسوف للشمس والخسوف للقمر 174
29 فصل في صلاة الاستسقاء 176
30 فصل في كيفية صلاة الخوف 180
31 فصل فيما يجوز لبسه من الحرير للمحارب وغيره وما لا يجوز 183
32 فصل في الجنازة 184
33 كتاب الزكاة 195
34 فصل في بيان نصاب الإبل وما يجب إخراجه 199
35 فصل في بيان نصاب البقر وما يجب إخراجه 200
36 فصل في بيان نصاب الغنم وما يجب إخراجه 201
37 فصل في زكاة خلطة الأوصاف 202
38 فصل في بيان نصاب الذهب والفضة وما يجب إخراجه 203
39 فصل في بيان نصاب الزروع والثمار وما يجب إخراجه 205
40 فصل في زكاة العروض والمعدن والركاز وما يجب إخراجه 208
41 فصل في زكاة الفطر 209
42 فصل في قسم الصدقات 212
43 كتاب الصيام 215
44 فصل في الاعتكاف 226
45 كتاب الحج 230
46 فصل في محرمات الاحرام وحكم الفوات 237
47 فصل في الدماء الواجبة وما يقوم مقامها 241
48 كتاب البيوع وغيرها من أنواع المعاملات 250
49 فصل في الربا 254
50 فصل في السلم 267
51 فصل في الرهن 272
52 فصل في الحجر 276
53 فصل في الصلح 279
54 فصل في الحوالة 285
55 فصل في الضمان 288
56 فصل في كفالة البدن 290
57 فصل في الشركة 291
58 فصل في الوكالة 294
59 فصل في الاقرار 299
60 فصل في العارية 303
61 فصل في الغصب 306