فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٤ - الصفحة ١٣٥
كان بين أسنانه شئ أو نزلت نخامة من رأسه فابتلعها عمدا بطلت صلاته هذا ظاهر المذهب وهو الذي ذكره في الكتاب فقال فقليله مبطل وليكن معلما بالواو لان صاحب التتمة حكى في القليل وجها انه لا يبطل كالقليل من سائر الأفعال ثم الحكم بالبطلان فيما إذا اكل عمدا اما لو كان مغلوبا كما لو جرى الريق بباقي الطعام أو نزلت النخامة ولم يمكنه امساكها لم تبطل صلاته ولو اكل ناسيا أو جاهلا بالتحريم فإن كان قليلا لم تبطل وإن كان كثيرا فوجهان أصحهما البطلان هكذا ذكره الأئمة وجعلوه كالكلام في الصلاة ناسيا والاكل في الصوم ناسيا ولم يجعلوه كسائر الأفعال في الصلاة إذ الجمهور على أن الفعل لا فرق فيه بين العمد والسهو على ما تقدم واعلم أنه لا يعنى بالقليل ههنا ما بقابل الكثير بالمعنى الذي ذكره في الافعال لان تفسير الكثير ثم ما يخيل إلى الناظر الاعراض عن الصلاة فالقليل المقابل له ما لا يخيل والاكل أي قدر كان يخيل الاعراض فيكون كثيرا بذلك التفسير بكل حال وإنما المراد من القليل والكثير ههنا ما يعده أهل العرف قليلا وكثيرا ولو وصل شئ إلى جوفه من غير أن يفعل فعلا من ابتلاع ومضغ كما لو وضع في فمه سكرة كانت تذوب وتسوغ ففي بطلان صلاته وجهان أحدهما وبه قال الشيخ أبو حامد لا تبطل صلاته لأنه لم يوجد منه مضغ وازدراد وهذا ذهاب إلى أن الاكل إنما يبطل لما فيه من العمل وقضيته ان لا يبطل القليل منه كما حكاه صاحب التتمة وأظهرهما انها تبطل ويعبر عنه بان الامساك شرط في الصلاة كما يشترط الانكفاف عن الافعال وعن مخاطبة الآدميين ليكون حاضر الذهن راجعا إلى الله تعالى وحده تاركا للعادات فعلى هذا تبطل الصلاة بكل ما يبطل به الصوم وقوله كامتصاص سكرة من غير مصغ ينبغي ان يعرف ان الامتصاص لا اثر له بل متى كانت في فمه وهي تذوب وتصل إلى جوفه يحصل الخلاف وان لم يكن امتصاص وإنما قال من غير مضغ لان المضغ فعل من الافعال يبطل الكثير منه وان لم يصل شئ إلى الجوف حتى لو كان يمضغ علكا في فمه بطلت صلاته وان لم يمضغه وكان جديدا فهو كالسكرة وإن كان مستعملا لم تبطل صلاته كما لو أمسك في فمه إجاصة ونحوها
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست