المذكور كان مقرا بمضمونه، سواء كان اللفظ عربيا أم غير عربي، وسواء كان المخبر من أهل تلك اللغة أم من غيرهم.
وبحكم اللفظ الإشارة المفهمة للمعنى، فإنها إن لم تكن اقرارا حقيقيا فهي بمنزلة الاقرار، فإذا سأل سائل من بائع الدار بعد تمام العقد بينه وبين المشتري فقال له: هل اشترطت لنفسك خيار فسخ البيع إذا أنت رددت ثمن الدار على المشتري؟ فأشار البائع إشارة واضحة تدل على عدم الاشتراط، كانت إشارته بمنزلة الاقرار على نفسه بنفي حق الخيار له، وإذا سئل الرجل: هل تزوجت هندا؟
فأشار بالايجاب كانت إشارته بمنزلة الاقرار على نفسه بزوجية المرأة، وإذا أشار بالنفي، كانت إشارته بمنزلة الاقرار بعدم الزوجية، فتلزمه أحكام الاقرار في الأمثلة المذكورة.
(المسألة الثالثة):
إذا وقع الاخبار عن المخبر على الوجه الذي أوضحناه كان اقرارا من المخبر على نفسه بمضمون الخبر، وإن لم يكن قاصدا للاقرار على نفسه، فإذا سأله أحد هل استدنت من زيد مائة دينار؟.
فقال نعم، كان قوله: نعم اقرارا منه بأن ذمته مشغولة لزيد بالمبلغ المذكور وصح للسامع أن يشهد على اقراره به، وكذلك إذا قال وهو في أثناء حديثه مع بعض الناس: يمكنك أن تنكر دين فلان عليك ولا بينة له عليك، كما أنكرت أنا دين زيد علي فلا يستطيع اثباته، فيكون قوله هذا اقرارا يمكن لمن سمعه منه أن يشهد عليه، وإن لم يكن قاصدا للاقرار، ومثل ذلك أن يدعي عليه المدعي ويقول له هذه الدار أو هذه الأرض التي بيدك مملوكة لي وليست لك، فيقول له إنني قد اشتريتها منك، فيكون اخباره بشراء الدار منه اقرارا منه بأن المدعي يملك الدار ودعوى منه