وهذا الاشكال جار في كثير من الموارد المذكورة وذلك كعدم اليمين في الحد فإنه وإن كان كذلك لما ورد من الروايات الدالة عليه مثل ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل فقال: هذا قذفني ولم تكن له بينة فقال: يا أمير المؤمنين استحلفه فقال: لا يمين في حد ولا قصاص في عظم (1).
ولكن لو كان المراد هو يمين المنكر كما هو الظاهر فلا فرق فيه أيضا بين الحد والتعزير لأنه إذا ادعى أحد على غيره ما يوجب عقوبة فإن أقام العدد المعتبر في الشهادة فهو وإلا فلا يحلف المنكر على عدم اتيانه بما يدعيه المدعي، ولا تحوز عقوبته إلا مع إقامة الشهودا واقرار المنكر سواء أكانت حدا أو تعزيرا.
وهكذا عدم الكفالة في الحد فهو وإن كان صحيحا لورود أخبار في ذلك كقوله صلى الله عليه وآله: لا كفالة في حد (2) إلا أن الظاهر أنه لا وجه للكفالة في التعزير أيضا بعد أن كانت العقوبة ثابتة عليه.
وكذا عدم الشفاعة في الحد فإنه وإن دلت جملة من الأخبار (3) على ذلك لكن لعله لا فرق فيه بين الحد والتعزير. وتفصيل المطلب وتحقيقه موكول إلى محله ومحتاج إلى مزيد تأمل.
فيبقى عفو الإمام عن الحد الثابت بالاقرار دون البينة الذي وردت به الأخبار (4) فهناك تظهر الثمرة بين كون التعزير حدا أيضا فإن للإمام العفو عن مطلق العقوبة، وعدم كونه حدا بأن يكون الحد موضوعا للعقوبة المقدرة فله العفو عن ذلك إذا كان قد ثبت موجبها بالاقرار دون البينة.