شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٨٥
متناهيا. والإرادة متعلقة بالفيض المقدس، كما قال تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون). فالإرادة متعلقة بإيجاد الممكنات بخلاف المشية، فإنها متعلقة بإفاضة الأعيان، لكن بحسب ما يقتضى حكمته وأسماؤه وصفاته لا مطلقا. قال تعالى: (فلو شاء لهداكم أجمعين). لكنه لم يشأ، لحكمة اقتضت عدم مشيته، لذلك عبروا عنها ب‍ (العناية الأزلية). والإرادة يتعلق بالأعيان بحسب استعداداتها وقبولها للمعنى المراد. فالحق وإن كان فعالا لما يشاء، لكن مشيته بحسب حكمته، ومن حكمته أن لا يفعل إلا بحسب استعداد الأشياء:
فلا يرحم موضع الانتقام ولا ينتقم موضع الرحمة. وما جاء في الأخبار أنه تعالى يرحم بالفضل وينتقم بالعدل ويشفع أرحم الراحمين عند المنتقم، فذلك أيضا راجع إلى استعداد العبد واستحقاقه المخفى في عينه لا يطلع عليه غير الله تعالى.
(ولهذا عدل بعض النظار إلى نفى الإمكان وإثبات الوجوب بالذات و بالغير). أي، لما جوزوا على الله ما يناقض الحكمة وما عرفوا أن للحق أفعالا بحسب مراتبه ولا عرفوا تلك المراتب، عدل بعضهم إلى نفى مرتبة الإمكان و إثبات الوجوب بالذات وبالغير فقط. (والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكن وما هو الممكن). وفي بعض النسخ: (الممكن ما هو الممكن). مع عدم الواو. أي، يعرف أن الممكن ما هو بحسب الحقيقة. فقوله: (ما هو الممكن)
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»