شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٨٨
سبحانه أن يكون جميع ما فيها بحسب نعتها لها بدء وختام. وكان من جملة ما فيها تنزيل الشرائع، فختم الله هذا التنزيل بشرع محمد، صلى الله عليه وسلم، فكان خاتم النبيين، وكان الله بكل شئ عليما. وكان من جملة ما فيها الولاية العامة ولها بدء من آدم، فختمها الله بعيسى، فكان الختم يضاهي البدء:
(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم). فختم بمثل ما به بدأ: كان البدء لهذا الأمر بنبي مطلق، وختم به أيضا). هذا كلامه. وما يدل على هذا المعنى من كلامه أكثر من أن يحصى.
وبعض المحققين حمل قوله: (وعلى قدم شيث يكون آخر مولود) على آخر مراتب الطور الإنساني. وقال (44): (بعد هذه المرتبة لا يكون إلا طور باقي الحيوانات: فيكونوا حيوانا في صور الأناسي. ثم تقوم عليهم القيامة بابتداء الدورة ومضى زمان الخفاء والظلمة). وصرح بعض القائلين بهذا المعنى بأنه يكون بظهور آدم آخر طلوع الصبح من أيام يوم القيامة، (45) ثم ظهور لوامع

(٤٤) - والقائل هو الشيخ البارع، كمال الدين عبد الرزاق (ط مصر ص ٤٣ - ٤٤). والظاهر أن المؤلف نقل العبارتين عن أستاذه بالمعنى. ويمكن أن يكون مراده من بعض المحققين الشارح التلمساني، الإمام عفيف الدين. (ج) (٤٥) - قوله: (من أيام يوم القيامة). اعلم، أن اليوم هو طلوع شمس البروج عن حجاب عالم الملك والمادة، والليل هو احتجابها به. فعلى هذا، كان لكل فرد من أفراد النوع الإنساني في السلسلة النزولية والصعودية يوم وليلة. وليلته سابقة على يومه، فإنها هي السلوك إلى السلسلة النزولية دونه. وظهور اليوم حقيقة بطلوع صبح يوم القيامة، أي، طلوع صبح قيامة الولي الكامل، وطلوع صبح سائر الأفراد بطلوع صبحه، سواء كان ذاك الفرد من أهل السعادة، فصبحه نوراني، أو من أهل الشقاوة، فصبحه ظلماني. فاليوم لا يختص بأهل السعادة، فإن أهل الشقاوة أيضا يشهدون حقائقهم المقيدة بعد رفع حجاب المادة، غاية الأمر يشهدون في صور مناسبة لملكاتهم كالقردة والخنازير وغيرهما. ثم إن أول طلوع يوم القيامة، لكل دورة وكورة، أول ليلة عالم المادة لأهل دورة أخرى في حجاب الملك إلى غير النهاية. وفي أحاديث أهل بيت العصمة، سلام الله عليهم، ما يشير إلى ذلك كثير جدا. (الإمام الخميني مد ظله)
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 493 494 ... » »»