شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٨٦
بدل، أو عطف بيان لقوله: (والممكن). (ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير. ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. ولا يعلم هذا التفصيل إلا العلماء بالله خاصة). قد مر أن (الوجوب) و (الإمكان) و (الامتناع) حضرات ومراتب معقولة، كلها في نفسها غير موجودة ولا معدومة، كباقي الحقائق، نظرا إلى ذواتها المعقولة، لكن الحقائق لا تخلو عن الاتصاف إما بالوجود أو بالعدم، بخلاف هذه الحضرات الثلاث، فإنها باقية على حالها لا تتصف بالوجود ولا بالعدم أبدا ألبتة، وقد جعلها الحق صفة عامة شاملة لباقي الحقائق.
فإن (الوجود) صفة شاملة لذات الحق وللممكنات الموجودة، لكنه على سبيل التفاوت: فإنه في الواجب الوجود بالذات، وفي الممكنات بالغير. و (الإمكان) صفة شاملة لجميع الممكنات. و (الامتناع) صفة شاملة للمتنعات. وإن هذه الحضرات هي خزائن مفاتيح غيبية (41) فحضرة (الإمكان) خزينة يطلب ما فيها من الأعيان الثابتة الخروج من الوجود العلمي إلى الوجود العيني (42) لتكون محل ولاية الأسماء الحسنى، وهي الممكنات. وحضرة (الامتناع) خزينة تطلب ما فيها من الأعيان للبقاء في غيب الحق وعلمه وعدم الظهور بالوجود الخارجي،

(41) - لا يخفى أن الخزائن المذكورة والحضرات الموصوفة هي الحقائق المستجنة في الحضرة الأحدية لا المفروضات العقلية، حتى أن حضرة الامتناع هي الحقيقة الحقة التي لا يمكن ظهورها في مرآة من المرائي لقصور المرائي ونقصانها في باطنه، لم تظهر إلا بأسمائها و صفاتها، وهي حضرة الذات والغيب الهوية الأحدية غير المتجلية في مرآة من المرائي. و ليست حضرة الامتناع هي المفروضات العقلية والوهمية، فإنها ليست من قبيل الحقائق و المخزونات إلا تبعا. فعلى هذا كانت حضرة الإمكان هي الأعيان الثابتة الممكنة الظهور ولو في العقول والأوهام، كاجتماع النقيضين وشريك الباري. وحضرة الامتناع هي الذات الأحدية الغيبية الغير الممكنة للظهور، فاعرف واغتنم. (الإمام الخميني مد ظله) (42) - يجب أن يعلم أن الذاتيات أو الماهيات يجب أن يكون محفوظة في جميع أنحاء الوجودات، ولكن المهية فانية في الوجود، وأن الامكان أمر عقلي ومع ذلك متنورة بنور الوجود، وأن المهية في الحضرة العلمية موجودة بوجود الأسماء ليست لها بحيالها حضرة، إلا باعتبار.
وإلى هذا الأصل أساطين الحكمة والمعرفة. (ج)
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»