شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٨٣
(وبخرق العادة يقابل اليمين اليمين ويظهر الانتكاس). هذا أيضا من خصوصية الماء. فإن الإنسان إذا وقف على جنب النهر، يرى فيه صورته منتكسة بحيث يقابل اليمين منه اليمين منها ظاهرا. وما رأينا في غيره من المرآيا أن يرى اليمين اليمين ويظهر الانتكاس، بل إذا حققت النظر، وجدت الماء أيضا بحيث لا يقابل اليمين من الرائي اليمين من الصورة، فان الشخص إذا انتكس، ينقلب يمينه يسارا ويساره يمينا. فما يقابل اليمين باليمين مع الانتكاس على سبيل خرق العادة، غير معلوم لنا.
قيل: (إن يمين الشكل المرئي، في أي مرآة، كانت لا يزال مقابلا لليمين من الرائي واليسار لليسار، وإنما يظن الرائي عكسه لظنه أن المرئي في المرآة وجه الصورة، وليس كذلك، فإن الرائي إذا كان مستقبلا إلى القبلة، مثلا، يكون وجه الصورة في المرآة أيضا مستقبلا إلى القبلة، فالمرئي من الشكل هو القفاء، لكن لا قفاء له، لأنه وجه كله، فلا يزال يقابل اليمين اليمين و اليسار اليسار). وفيه نظر. إذا الوجه والظهر لا يكون إلا لجرم كثيف، وما ثم إلا العكس من الوجه (38) بل الحق أنه باعتبار الجهة من المرئي والرائي يظهر اليمين شمالا والشمال يمينا، وأما باعتبار التقابل فقط، دون الجهة، فكل من اليمين والشمال مقابل لما هو عكسه.
(وهذا كله من أعطيات حقيقة الحضرة المتجلى فيها التي أنزلناها منزلة المرآيا) فالحاصل، أن الحضرة التي يرى الإنسان صورته فيها تعطى لتلك الصورة خصوصية ما، لا تكون لغيرها، فإذا رأى الإنسان صورا متنوعة في حضرات متعددة، كحضرات الخيال والقلب والروح، لا ينبغي أن يتوهم أنها غيره، كما

(38) - لا وجه لهذا النظر. فإن ذاك القائل أيضا قائل بأن لا ظهر ولا وجه مقابل الظهر للصورة المرئية، بل هو قائل بأن الصورة لما كانت وجها من جميع الجهات، أي ليس لها سوى الظهور حيثية، يمكن أن يقال إنها مستقبل إلى القبلة، فإن استدبارها غير متصور في حقها، بل هي مستقبل كل الجهات. وقد عرفت في الحاشية السابقة أنها ظهور المرئي فليس لها حكم بحيالها، فهي مستقبل القبلة كما أن المرئي كذلك، مثلا. (الإمام الخميني مد ظله)
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»