شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٨٠
منه ابتداؤه وانتهاؤه). ولما كان قلوب عباد الله تابعة للتجليات الواردة عليهم و (كل يوم هو في شأن) كذلك يتنوع كلامه (رض) في بيان الحقائق والأسرار: فتارة يتكلم فيما يتعلق بالفيض الأقدس ويجعل الكل من الله، وتارة يتكلم فيما يقتضى الأعيان فينسب ذلك إليها، فلا تناقض.
(وما كل أحد يعرف هذا وأن الأمر على ذلك، إلا آحاد من أهل الله). وهم المطلعون على أسرار القدر. (فإذا رأيت من يعرف ذلك، فاعتمد عليه) أي، على قوله، لأنه حق مطابق لما في نفس الأمر. ولما كان السالك الواصل الذي يقطع السفر الثاني والثالث ويصل إلى مقام الأقطاب والأفراد وقليلا وهو الخلاصة، قال: (فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله). وهم الذين مر ذكرهم عند بيان السالكين والخلاصة الواصل، وخاصة الخاصة الذي رجع بالحق إلى الخلق، وصفاء خلاصة الخاصة العلوم والحقائق الحقانية الصافية عن شوب الأكوان ونقائص الإمكان (34) (فأي صاحب كشف شاهد صورة يلقى إليه ما لم يكن عنده من المعارف وتمنحه ما لم يكن قبل ذلك في يده، فتلك الصورة عينه لا غيره، فمن شجرة نفسه جنى ثمرة غرسه). وذلك لأن تلك الصورة هي من صور استعداداته التي لعينه الثابتة يتمثل في عالم الأرواح الذي هو المثال المطلق أو في الخيال الذي هو المثال المقيد، فيلقى إليه فهو المفيض على نفسه لا غيره، إذ كل ما يفيض عليه إنما هو من عينه و بحسب استعداداته. ولكن كل إنسان مشتملا على ما اشتمل عليه العالم الكبير، لا يحتاج أن يقال أنها صورة ملك أو جن أو كامل من الكمل غيره، بل عينه اقتضت أن يتصور حقيقة من حقائقه بتلك الصورة وتلقيه على قلبه المشغول

(34) - قوله: (رجع بالحق). لا مدخلية لذلك الرجوع في ذلك العلم، فإن ذلك العلم في أواخر السفر الأول، أو السفر الثاني الذي يحصل فيه التجلي بعينه الثابتة ورؤية نفسه في مرآة الحق، ففي ذلك التجلي يشهد أن ما أعطى غير غريب، بل من عينه الثابتة. فعلى هذا كان مراد الشيخ من (خاصة) هو الذي حصل له ذاك المقام، أي، مقام مشاهدة عينه الثابتة في الحضرة العلمية. (الإمام الخميني مد ظله)
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»