تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ٣٣
من جهة ضرر الفعل فإنه من علم فعل الأعضاء سهل عليه الاستدلال على أحوالها، مثاله أن خروج الطعام من غير هضم دليل قطعي على ضعف المعدة لأنها الطابخة أولا وبالذات وكذا قلة الدم في البدن دليل على ضعف الكبد لأنها كذلك. (وثانيها) المأخوذ من جواهر الأعضاء فان القطع الخارجة أو الرمل إذا كانت شديدة الحمرة وجب الجزم بأنه من الكبد، أو البياض فمن المثانة أو بينهما فالكلي لأن هذه الأعضاء كذلك هذا من جهة اللون وقد يستدل بالحجم أيضا فان القشور الخارجة في البراز مثلا إذا كانت غليظة فمن المستقيم لأنه كذلك وإلا فمن الدقاق (وثالثها) المأخوذ من جنس ما يحويه العضو وأكثرهم لم يعده مستقلا والصحيح استقلاله وطريق الاستدلال به أن ينظر في كمية الدم الخارج بالنفث مثلا فإنه إن كان إلى البياض قليلا فمن القصبة أو رقيقا كثيرا إلى الحمرة فمن الرئة وهكذا غيره (ورابعها) المأخوذ من نفس الوجع وقد ثبت أن الأوجاع محصورة في خمس وعشرين: الحكاك واللذاع والخشن وسبب الثلاثة مواد حريفة تفرق الاتصال وكلها تكون في الجلد وما تحته من المسام إلا أن الخشن أغلظها مادة وأيبسها (والممدود) يختص بما بين الطبقات ويلزمه الورم لا شتماله على خلط غليظ فرق بين العضل وغيرها (والناخس) ويختص بالغشاء ويكون من مادة حارة إن كان نخسه بحرقة وإلا باردة، ومثله (الثاقب) لكنه أغلظ مادة وأقوى حركة وموضعه العضو الغليظ الجرم (والكسر) وهو مادة غليظة قوية تحتبس بين العضو والغشاء الساتر له وقد يكون عن ريح (والنملى) كالثاقب إلا أنه لا يتحرك كذا قالوه وهو غير مقتضى التطويل وقياس النملي أن يكون محله طبقات الشحم واللحم وأن يكون حارا (والرخو) ويكون في اللحم وأطراف العضو عن مادة باردة رطبة (والخدر) وهو سدة في الأعصاب يمنع الروح الحساس من غاياته (والضربان) وهو مادة حادة تنحصر في الطبقات فان اشتد الألم فالعضو ذو حس وإلا قريب ومنه ما قد يسكن بلا برء لان شدة الألم تبطل الحس (والثقل) وهو مثله لكن لا ينتشر غالبا ويكثر اختصاصه بالكلى (والاعياء) ويحل بالمفاصل والأغشية غير أنه إن حدث عنه كسل وانحطاط عقب الحركة فهو التعبى وإن كان من خلط فان أوجب التمطى والتثاؤب فهو التمددي فان أفاد احتراقا ونخسا فهو القروحي وعن الثلاثة يكون الاعياء الورمي (وخامسها) المأخوذ من طريق الوضع والعمدة فيه التشريح فان الوجع متى كان في الجانب الأيمن تحت الأضلاع فهو في الكبد أو عند القطن ففي الكلية أو في الأيسر كذلك ففي الطحال والكبد وهكذا ومثله الأعصاب والأعضاء فان الوجع الحادث في اللسان معلوم بأنه من قبل الرئة وهكذا.
(وسادسها) ما يكتسب من السؤال والفحص فقد يهتدى الطبيب الجاهل إلى العلة بالسؤال من العليل ومن عقلاء الأطباء من يكون جاهلا بالصناعة لكن يهديه عقله إلى معرفة العلة بالدواء كأن يعطى دواء حارا فان أفاد علم أن المادة الموجبة للمرض باردة وهذا يتم بامتحانات أربعة ولكن حيث لا مانع فان المرض قد يكون عن برد وينفعه البارد بتسكين لا إزالة كما في البنج والأفيون فيغتر به الجاهل فيفضى إلى التلف [منى] هو أول أجزاء التخلق والقول في كيفية صحته إلى أن يصير صالحا للانعقاد. قد وقع الاجماع على أنه يكون من خالص الغذاء وأصح ما فيه سواء كان الغذاء كله جيدا أم لا وأنه ينفصل من هضم المروق بعد اثنين وسبعين ساعة من تناول الغذاء المعتدل المزاج فعليه تكون صحته بحسب صحة الغذاء واستدل على كونه مما ذكر بانحلال قوى البدن بخروجه وإن قل فوق انحلالها بغيره من أنواع الاستفراغ وإن كثرت واحتباسه منوجب للقوة مالم يفسد فيوجب أمراضا رديئة في الغاية لتعلقه برأس الأعضاء. وقد اختلفوا في شأنه، فقالت طائفة
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197