تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ١ - الصفحة ٢٣
الاعتدال من الحرارة والبرودة في الكثيف المعتدل كانت الحلاوة لاعتدال الأشياء كذا قرروه، وقرر بعض المحققين أن الحلاوة تكون من فعل الحرارة في المعتدل في الكثافة والنفس إليه أميل وإن فعلت الحرارة في اللطافة كانت الحرافة للتخلخل والنفوذ فان توفرت الرطوبة اشتدت الحرافة كما في الثوم وإلا خفت كما في الباذنجان أو فعلت في البرودة اللطيفة كان الحمض للمعاصاة فيتعفن ويتلطف فلا يمرر ولا يبالغ في العفوصة ويتفاوت كالسماق والزرشك، أو فعلت في متوسطة اللطف كانت الدسومة لامتداد الاجزاء مع الحرارة وخدمة الرطوبة ولطف الحرارة فتكون من قبيل التبحير لا التجفيف وإن فعلت الحرارة في معتدل بين الغلظ واللطافة فالملوحة والاعتدال في الاعتدال هنا تفاهه والحرارة في البارد قبض هنا، فهذه أصول الطعوم على ما أدى إليه الاجتهاد في القوانين فلا يعترض بالورق لأنه ملح قوى ولا باللذع لأنه مدرك بسوى اللسان فلا يكون طعما وحقيقة الماء الحلو أن يفعل الملاسة والاستلذاذ والمالح الملاسة وقوة الجلاء والدسم الملاسة مع قلة الجلاء والمز الخشونة والجلاء القوى معها والحريف الجلاء القليل معها والعفص الخشونة والكثافة القوية والقابض فوقه والتفه ما لا يظهر معه شئ من ذلك، وحيث عرفت أصولها وأن حدوثها من فعل الثلاثة وانفعالها للثلاثة عرفت أن الحريف أقوى الثلاثة الحارة تسخينا لأنه أشدها حرا عند الشيخ وجالينوس لسرعة نفوذه وتلطيفه وجلائه وتقطيعه ثم المر لكثافة مادته ثم المالح لأنه مر زادت رطوبته ومن ثم يعود إذا زالت كما في المالح المشمس والمحرور ومن ثم حكم بأن أسخن أصناف الملح المر وعند قوم أن الحريف ليس بأسخن من المر ولا المر من المالح لجواز أن يكون ضعف حالتيه مستندا إلى كثافته فلا ينفذ حتى يضعف قلت وهذا لا يجرى بينه وبين المالح والتحقيق في مثل هذا البحث أن نقول لا نزاع في أن الحريف أسخن من المر والمر من المالح في أنفسها أما باعتبار أفعالها في البدن فظاهر ما حرروه عدم الدليل القطعي على ذلك وأما الطعوم الباردة فأشدها برد العفص لتكيف مثل البلح والحصرم به أولا، ثم القابض لانتقالها إلى عند اعتدال الهوائية والمائية، ثم الحامض لصيرورتهما إليه عند كثرتهما فالقبض والحمض وسائط بين الحلاوة والعفوصة قال الشيخ وقد تسقط الحموضة من بين الحلاوة والقبض في نحو الزيتون وأقره الشراح وعندي فيه نظر لان ذلك لا يكون انتقالا من القبض فقط بل من المرارة الممزوجة به كما شاهدناه في بعض أنواع البطيخ فإنه يكون مرا ثم يحلو عند استيلاء الهوائية. وأما المتوسطات فأشدها حرا الحلو ثم الدسم ثم التفه وقد مر دليله وأما في جانب اليبوسة فأقوى الطعوم يبسا المر لكثافته وأرضيته ثم الحريف لأرضيته وقد سبق في العناصر أن اليبس في الأرض أصلى ثم العفص لمائيته بالنسبة إليهما وإن جمدت وأما من جهة الرطوبة فأرطبها التفه ثم الحلو ثم الدسم وقيل الدسم قبل الحلو وأما المعتدلة فأقربها الحامض ثم القابض وأكثرها يبسا المالح وأغلظ ما موضوعه الغلظ العفص لوجود المادة فيه فجة ثم الحلو لانتقاله إليه ثم المر وفيه نظر لمامر من غلظ مادته وتقدمه على الحلو في مواضع وألطف ما موضوعه اللطافة الحريف لتخلخل أجزائه ثم الحامض وإن كثفت مادته لان فيه مائية كثيرة ثم الدسم للزوجة أجزائه بالدهنية وأما ما توسط منها بين اللطافة والكثافة فأقربها إلى اللطافة المالح وإلى الكثافة القابض وكانت التفاهة حقيقة الوسط لما سبق وقد تتمايز هذه الطعوم من بعضها بما تفعله في اللسان فالعفص ما قبض اللسان ظاهرا وباطنا وعسر اجتماع أجزائه وقول الشيخ إنه ألطف يريد به بالنسبة إلى القابض والحريف فإنه وإن قبض بالغا لا ينافي لطفه النسبي في قلة الايذاء فلا حاجة إلى حمله على غلط النساخ والقابض ما جمع ظاهر اللسان فقط وقد يجتمعان كما في العفص ويفترقان فتوجد
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 المقدمة بحسب ما أسلفناه وفيها فصول: 4
3 فصل في تعداد العلوم وغايتها وحال هذا العلم معها 4
4 فصل ولما كان الطريق إلى استفادة العلوم إما الإلهام أو الفيض المنزل الخ 5
5 فصل وإذا قد عرفت المنزع والدستور في تقسيم العلوم فينبغي أن تعرف أن حال الطب معها على أربعة أقسام 7
6 فصل ينبغي لهذه الصناعة التعظيم والخضوع لمتعاطيها لينصح بذلها وكشف دقائقها 8
7 (الباب الأول في كليات هذا العلم والمدخل إليه 9
8 فصل وإذا كمل البدن مستتما بهذه الأمور صار حينئذ معروض أمور ثلاثة 13
9 فصل ومما يلحق بهذه الأسباب أمور تسمى اللوازم 15
10 فصل ومما يجري مجرى اللوازم الأحوال الثلاثة أعني الصحة والمرض والحالة المتوسطة 15
11 فصل ولما كانت هذه الأمراض قد تخفى على كثير كانت الحاجة مشتدة إلى إيضاحها الخ 16
12 فصل اعلم أن التناول أما فاعل بالمادة والكيفية ذاتا وعرضا وهو الغناء الخ 17
13 (الباب الثاني) في القوانين الجامعة لأحوال المفردات والمركبات الخ 19
14 فصل اعلم أن كل واحد من هذه المفردات والمركبات الخ 19
15 فصل وإنما كان التداوي والاغتذاء بهذه العقاقير للتناسب الواقع بين المتداوي والمتداوى به 20
16 الفصل الثاني في قوانين التركيب وما يجب فيه من الشروط والأحكام 30
17 (الباب الثالث) في ذكر ما تضمن الباب الثاني أصوله من المفردات والأقراباذينات 32
18 حرف الألف 33
19 حرف الباء 65
20 حرف التاء 90
21 حرف الثاء 100
22 حرف الجيم 102
23 حرف الحاء 113
24 حرف الخاء 135
25 حرف الدال 149
26 حرف الذال المعجمة 160
27 حرف الراء 164
28 حرف الزاي 172
29 جرف السين المهملة 185
30 حرف الشين 207
31 حرف الصاد 221
32 حرف الضاد المعجمة 225
33 حرف الطاء المهملة 229
34 حرف الظاء المعجمة 234
35 حرف العين المهملة 235
36 حرف الغين المعجمة 242
37 حرف الفاء 246
38 حرف القاف 253
39 حرف الكاف 265
40 حرف اللام 277
41 حرف الميم 286
42 حرف النون 326
43 حرف الهاء 334
44 حرف الواو 338
45 حرف الياء 340