تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ١ - الصفحة ٢٨
إلا سرعة الإجابة والتأثير كتسمية الأفيون ترياقا لقطعه الاسهال في الوقت وحب الأترج بادزهر لدفعه السمية (وأما المفرح) فهو في الحقيقة الدواء الذي يبسط النفس ويسر القلب ويزيد الدماغ ويحفظ الكبد ويصرف الهموم ويذهب الكسل وينشط الحواس ويشد الأعضاء ويصقل الذهن ولا توجد هذه الأوصاف في مفرد سوى الخمر، وأما في المركبات فكثيرة على ما ستراه وكثيرا ما تطلق الأطباء التفريح على ما كان جيد الغذاء كالبيض وقليل الضرر كالتفاح وقد يطلقون التفريح على كل دواء جفف الرطوبات وخدر الأعضاء نقص الحس والعقل كالبر شعثا والحشيشة والجوزبوا وهذا تخدير لا تفريح كما ستجده (السادس) في ذكر ما يحوج إلى مقادير الدواء. اعلم أن مدار مقدار الدواء على شرف المنفعة وكثرتها وضعف الدواء وبعد العضو المؤف عن المعدة وإصلاح المفرد مضار غيره، فمتى وجدت هذه وجب تكثير المفرد وإلا قلل وكذا شرف المنفعة وإن قلت ككونه نافعا لاحد الأعضاء الرئيسية فقط ثم الطريق في المركبات دائرة على تركيب هذه وبسائطها القوة والكثرة والشرف وقرب العضو وقلة الضرر ونظائرها فإذا كان الدواء قويا كثير النفع جعل متوسطا أو ضعيفا كثيره كثر جدا أو قويا قليله قلل جدا في الغاية، وقس على هذا البواقي فإنها واضحة.
(السابع) ما يعرض لها من الافعال الخارجة عن الطبيعة المعروفة بالصناعة، قد عرفت تقسيم أنواع المواليد إلى البسائط الثلاث ومركباتها الست وقد علمت أوصاف الأدوية وأن منها ما لا يؤثر فيه الطبخ شيئا كالاحجار فليس الكلام فيها. واختلفوا في المتطرقات، فذهب قوم إلى أنها كالاحجار وآخرون إلى أنها يتحلل منها شئ مفيد واحتجوا بأن الفضة المغشوشة مثلا إذا غليت ظهرت الفضة على الغش ساترة فعلى هذا يكون وضعهم الذهب في المساليق مفيدا وكأنه الأوجه (وأما الحشائش) فلا نزاع في تأثيرها بالطبخ وغيره ولكنها مختلفة في هذا الغرض فإذا كانت الأبدان ضعيفة والأسنان كذلك والبلاد حارة فالسلافات أولى من الاجرام ولكن من الأدوية ما إذا طبخ سقطت قوته رأسا كالخيار شنبر فلا يمس بنار ومنها ما جوهره ضعيف المزاج وإذا طبخ لم يبق له جرم كالهندبا ومثل هذا إن أريد استعمال مجموعه صحت المبالغة في طبخه وإلا اكتفى فيه بحرارة الماء بل الجل على أن الهندبا لا تمس بماء لمفارقة جوهرها اللطيف بمجرد الغسل ومنها ما إذا اشتد امتزاجه كشف جرمه وهذا إن كان ثقيلا ضار الجرم استقصى طبخه وصفى كالسنا أو نافعه استقصى ولم يصف لسهولته على الطبيعة لتخلخل الطبخ، وإن لم يكن ثقيل الجرم وسط طبخه وأخذ ماؤه فقط والطبخ يطلب عند عجز الطبيعة وغلظ الدواء وقلة نفع الجرم وعند إرادة أخذ جوهري الدواء وكمريد الاسهال من العدس فإنه يقتصر على شرب مائه ومريد القبض منه فإنه يقتصر على جرمه ولا تأثير بسوى الطبخ ومتى كانت القوة قوية والحاجة داعية والمطلوب الاسهال لا التليين وجب استعمال الجرم مطلقا. واعلم أن العصارات لا تطبخ بحال، وأما الثمار والأوراق فيسلك بها ما ذكرنا في القانون السابق، وأما الأصول فإن كانت من أشجار وجب طبخها وإلا كان الأولى. ثم من المفردات ما يطبخ في بعض الأصناف دون بعض كالإهليلجات فإنها لا تطبخ في حقنة أصلا لما فيها من العفوصة والقبض فتحبس الدواء وتطبخ في غيرها لملاقاتها الحرارة الغريزية في المعدة فتكمل حلها وكالورق بزر وحب إلا ما كثف قشره فكالأصول كلب القرع فان دق أو قشر فكالعصارات وما ركب من هوائي ومائي جامد إلى الأرضية ويعرف بإعطاء الحلاوة أولا فالمرارة كالغاريقون لم يمس بنار البتة واستثنوا من العصارات السقمونيا فإنه يجوز جعلها في المطابيخ كما صرحوا به، ولما كان المطلوب من الدواء استيلاؤه على البدن وتعمقه ليستأصل الخلط وكان ذلك غير ممكن والدواء على حاله
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 المقدمة بحسب ما أسلفناه وفيها فصول: 4
3 فصل في تعداد العلوم وغايتها وحال هذا العلم معها 4
4 فصل ولما كان الطريق إلى استفادة العلوم إما الإلهام أو الفيض المنزل الخ 5
5 فصل وإذا قد عرفت المنزع والدستور في تقسيم العلوم فينبغي أن تعرف أن حال الطب معها على أربعة أقسام 7
6 فصل ينبغي لهذه الصناعة التعظيم والخضوع لمتعاطيها لينصح بذلها وكشف دقائقها 8
7 (الباب الأول في كليات هذا العلم والمدخل إليه 9
8 فصل وإذا كمل البدن مستتما بهذه الأمور صار حينئذ معروض أمور ثلاثة 13
9 فصل ومما يلحق بهذه الأسباب أمور تسمى اللوازم 15
10 فصل ومما يجري مجرى اللوازم الأحوال الثلاثة أعني الصحة والمرض والحالة المتوسطة 15
11 فصل ولما كانت هذه الأمراض قد تخفى على كثير كانت الحاجة مشتدة إلى إيضاحها الخ 16
12 فصل اعلم أن التناول أما فاعل بالمادة والكيفية ذاتا وعرضا وهو الغناء الخ 17
13 (الباب الثاني) في القوانين الجامعة لأحوال المفردات والمركبات الخ 19
14 فصل اعلم أن كل واحد من هذه المفردات والمركبات الخ 19
15 فصل وإنما كان التداوي والاغتذاء بهذه العقاقير للتناسب الواقع بين المتداوي والمتداوى به 20
16 الفصل الثاني في قوانين التركيب وما يجب فيه من الشروط والأحكام 30
17 (الباب الثالث) في ذكر ما تضمن الباب الثاني أصوله من المفردات والأقراباذينات 32
18 حرف الألف 33
19 حرف الباء 65
20 حرف التاء 90
21 حرف الثاء 100
22 حرف الجيم 102
23 حرف الحاء 113
24 حرف الخاء 135
25 حرف الدال 149
26 حرف الذال المعجمة 160
27 حرف الراء 164
28 حرف الزاي 172
29 جرف السين المهملة 185
30 حرف الشين 207
31 حرف الصاد 221
32 حرف الضاد المعجمة 225
33 حرف الطاء المهملة 229
34 حرف الظاء المعجمة 234
35 حرف العين المهملة 235
36 حرف الغين المعجمة 242
37 حرف الفاء 246
38 حرف القاف 253
39 حرف الكاف 265
40 حرف اللام 277
41 حرف الميم 286
42 حرف النون 326
43 حرف الهاء 334
44 حرف الواو 338
45 حرف الياء 340