وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ١٠
طرق عديدة لتحيطهم بالحجة من كل مكان، وبين الله - تعالى - لهم أن رسوله الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم هو النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته، ويأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، قال تعالى: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) [المائدة: 15 - 16]، والمعنى: أن الرسول يبين ما بدلوه وحرفوه وأولوه وافتروا على الله فيه، ويسكت عن كثير مما غيروه ولا فائدة في بيانه، وأن دعوته تدعو إلى الصراط المستقيم المهيمن على الطرق كلها.
ونظرا لأن مسيرة اليهود رشحت عليها عقائد الأمم الوثنية، وحمل التوحيد على امتداد مسيرتهم بصمات الآلهة المتعددة، حتى صار الإله - في نهاية المطاف - إلها خاصا ببني إسرائيل دون غيرهم من الأمم، ونظرا لأن الأحبار والرهبان بدلوا الدين الذي بعث به عيسى عليه السلام، ونسبوا إلى المسيح ما لا يجوز وقالوا بألوهيته، وأطاعتهم القافلة النصرانية من غير قيد ولا شرط، فإن الدعوة الخاتمة صححت هذه المفاهيم في أكثر من آية، ومنها قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) [آل عمران: 64]، والمعنى: تعالوا إلى كلمة عدل نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسر هذه الكلمة بقوله: (ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا)، لا وثنا ولا صليبا ولا صنما ولا طاغوتا ولا نارا ولا أي شئ آخر، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له، وهذه دعوة كل الرسل منذ ذرأ الله ذرية آدم، ثم قال: (ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله)، أي: لا يسجد بعضنا لبعض، أو يطيع بعضنا بعضا في معصية الله، أو نحرم الحلال ونحل الحرام، فنحن وأنتم ما أمرنا إلا لنعبد الله وحده، الذي إذا حرم شيئا فهو الحرام، وما حلله فهو الحلال، وما شرعه اتبع، وما
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست