مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ٦٩
إما بألفاظ ينقلون ظاهرها ولا يعرفون معانيها ولا يهتمون بتفهمها..
وإما بمسائل من الأحكام لا يشتغلون بدلائلها ومبعثها وإنما حسبهم منها ما أقاموا به جاههم وحالهم..
وإما انحرافات منقولة عن كل ضعيف وكذاب وساقط لم يهتبلوا قط بمعرفة صحيح منها من سقيم ولا مرسل من سند ولا ما نقل عن النبي (ص).
وأما الطائفة الثانية فهم قوم ابتدء وا الطلب لحديث النبي (ص) فلم يزيدوا على طلب علوم السند والغرائب دون أن يهتموا بشئ مما كتبوا ولا يعلمون به وإنما يحملونه حملا لا يزيدون على قراءته دون تدبير معانيه ودون أن يعلموا أنهم المخاطبون به وأنه لم يأت مهملا ولا قاله (ص) عبثا، بل أمرنا بالتفقه فيه والعمل به، وأكثر هذه الطائفة لا عمل عندهم إلا بما جاء عن طريق مقاتل بن سليمان والضحاك بن مزاحم وكتاب البزدوى التي إنما هي خرافات موضوعة وأكاذيب مستعملة ولدها الزنادقة تدليسا على الإسلام وأهله.. (4) وعلى الرغم من أن موقف ابن حزم من الفقهاء وممارساتهم تحمل جانبا كبيرا من الصحة إلا أن حدتها أفقدتها موضوعيتها وجنت عليه في النهاية.
وقد قيل أن قلم ابن حزم كان في مضاء سيف الحجاج، وكان ينهال على رجال محل تقدير السواد الأعظم من المسلمين بالتحقير والازدراء كالأشعري ومالك وأبي حنيفة.. (5) واعترف ابن حزم أن حدته كانت ترجع إلى مرض كان يلازمه.. (6) ثم تصدى فقهاء المالكية فيما بعد لمصنفات ابن حزم خاصة كتابه (المحلى) وأصدروا ردودهم عليه..
- المدفع الثاني:
وهو من أخطر مدافعة وأشدها ويتمثل في كتابة (الفصل في الملل والنحل) والذي أطلق من خلاله قذائفه على جميع الاتجاهات مسلمين وغير مسلمين..
يقول ابن حزم في الفصل: أهل السنة أهل الحق ومن عداهم فأهل البدعة، فإنهم الصحابة وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين ثم أصحاب الحديث ومن اتبعهم من الفقهاء جيلا فجيلا إلى يومنا هذا ومن اقتدى بهم من العوام في شرق الأرض وغربها، وقد تسمى باسم

(3) أنظر الأصول والفروع لابن حزم ج‍ 2 / 215 وما بعدها. ط القاهرة.
(4) أنظر الذخيرة لابن بسام ج‍ 1.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 65 66 67 68 69 70 71 72 73 75 ... » »»
الفهرست