مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ٦٧
ومرت عائلة ابن حزم بمحن كثيرة بعد الإطاحة بالأسرة العامرية في دائرة الصراعات التي كانت قائمة بين ملوك الأندلس آنذاك والتي كانت أشبه بالحروف الأهلية..
واستوزره المرتضى خليفة مدينة بلنسية، ثم استوزره الخليفة عبد الرحمن الخامس الملقب بالمستظهر في قرطبه عام (414 ه‍)، ثم قتل عبد الرحمن بعد ذلك بمدة قصيرة وقبض على ابن حزم ووضع في السجن ثم أفرج عنه بعد ذلك..
ويروى أنه وزر مرة ثالثة لهشام المعتد إلا أنه اعتزال السياسة بعد ذلك وتفرغ للعلم والتأليف حتى أصبح من أشهر علماء الأندلس وأكثرهم ذكرا في مجالس الرؤساء وعلى ألسنة العلماء وقد حمل ابن حزم نوعين من المدافع الثقيلة:
الأولى: مدافع خاصة بالمسلمين..
الثانية: مدافع خاصة بغير المسلمين..
- المدافع الأول:
كان عصر ابن حزم عصر دسائس وفتن وصراعات بين ملوك الطوائف وبعضهم وبين الفقهاء الذين ساروا في ركاب هؤلاء الملوك وبعضهم..
ويبدوا أن هذه الحالة السياسية والدينية قد انعكست على شخصية ابن حزم فأصابتها بالحيرة والانفعال الذي نراه بوضوح في آرائه ومواقفه من الآخرين فقد أعلن الحرب على فقهاء عصره وشتى الاتجاهات الإسلامية الأخرى مما أدى إلى بغض الجميع له وتربصهم به..
ثم تبنى ابن حزم المذهب الظاهري وأخذ يدعوا له ولاقى في سبيل ذلك مواجهة عنيفة من الحكام والفقهاء الذين كانوا يتبنون المذهب المالكي ويتعصبون له، وصدر قرار فقهي بمنع ابن حزم من الفتوى وحبس المترددين عليه والمستمعين له..
وقد أطلق ابن حزم أول مدافعة على فقهاء عصره بقوله: أن هؤلاء القوم ليسوا من أهل الفقه ولا من أهل الكلام ولا يحسنون شيئا غير التناغي والقول الفاسد.. ولا يغرنكم الفساق المنتسبون إلى الفقه اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع المزينون لأهل الشر شرهم الناصرون لهم على فسقهم (1) وكان فقهاء عصر ابن حزم كما يعبر ابن حبان المعاصر له يمشون في ركاب الملوك بين آكل من حلوائهم وخابط في أهوائهم..
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست