مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ٧٣
بن عبيد والحجاج وعبيد الله بن زياد وحبيش بن دلجة وغيرهم عن الصلاة خلفهم، وهؤلاء أفسق الفساق وأما المختار فكان متهما في دينه مظنونا به الكفر.. (11) ويريد ابن حزم أن يؤكد لنا من خلال هذا المدفع الحكومي أن مذهبه ومذهب الفقهاء بل إن الدين الحق يجب أن يقوم على الرجال لا على النص أو العقل، فما دام الصحابة والتابعين وأهل الحديث قد اعترفوا بشرعية الحكام الفسقة وصلوا خلفهم فيجب علينا أن نمتثل لذلك حتى لا نكون من المبتدعة الزائغين من الروافض والخوارج والمعتزلة والزيدية الذين أبت عقولهم ونفوسهم أن تهضم هذا الوضع وتقربه.
وليس لابن حزم من سند في هذا سوى هواه والروايات التي نسبت للرسول بخصوص الحكام أما أصحاب العقول الذين لا يدينون بمثل هذه الروايات ويشكون فيها فهم في نظر ابن حزم وغيره من فقهاء البلاط أصحاب البدعة المحدثة المخالفة لنهج السلف الصالح.
ثم من أين لابن حزم هذه اليقين الإجماع المطلق للصحابة والتابعين والفقهاء على هذه القضية؟ وكيف يصح مثل هذا الادعاء مع قوله أن هناك طائفة من أهل السنة توافق القائلين بعدم جواز هذه الصلاة..؟
وليتأمل القارئ موقف ابن حزم هذا وما ينقله عن الفقهاء، ثم يتأمل موقف ابن حنبل من صاحب البدعة لبدعته حيث يقول بعدم جواز الصلاة خلفه وعدم قبول شهادته هجرا له وزجرا لينكف ضرر بدعته عن المسلمين.. (12) لقد أجاز الفقهاء الصلاة وراء الحاكم الفاسق الذي تقطر يده بدماء المسلمين بينما حرموها وراء المخالف لهم من الاتجاهات الأخرى بحكم أنهم من أهل البدع في منظورهم.
إن الفقهاء أمثال ابن حنبل وابن حزم اعتبروا أنفسهم أوصياء على الدين وحفظه المسلمين من شرور المخالفين فمن ثم سلكوا جميع الوسائل والسبل من أجل عزلهم والقضاء عليهم بداية من تحريص الحكام عليهم ونهاية بتكفيرهم..

(9) أنظر تراجم رجال الحديث وأشهر الفقهاء في كتب التاريخ. وانظر لنا كتاب مصر وإيران..
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 75 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست