مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ٤٤
قريش، واعتبروا أن هذا النص هو الذي حسم الخلاف والصراع الذي دار في سقيفة بني ساعده لاختيار الإمام من بعد الرسول..
قال البغدادي: قال أصحابنا أن الشرع قد ورد بتخصيص قريش بالإمامة ودلت الشريعة على أن قريشا لا تخلوا ممن يصلح للإمامة، فلا يجوز إقامة الإمام للكافة من غيرهم.. (146) واشترط الفقهاء في الإمام أربعة شروط:
الأول: العلم الثاني: العدالة والورع..
الثالث: السياسة وحسن التدبير..
الرابع: النسب من قريش.. (147) ومن الثابت تاريخيا أن أغلب الذين تولوا الحكم في بلاد المسلمين بداية من العصر الأموي وحتى عصرنا هذا لم تكن تتوافر فيهم هذه الشروط اللهم إلا شرط القرشية الذي توافر في الأمويين والعباسيين ولم يتوافر في السلاجقة الترك أو الأيوبيين الأكراد، أو المماليك الرقيق أو العثمانيين الترك، ومع ذلك دان الفقهاء لهؤلاء الحكام وأقروا لهم بالسمع والطاعة وألزموا الرعية بذلك..
وعندما قامت الدولة الفاطمية في مصر وحكامها ينسبون إلى قريش رفضوها ورموها بالكفر والزندقة لأنها لا تلتزم عقيدتهم ولا تتبع نهجهم ورواياتهم في الوقت الذي كانوا يدينون فيه بالطاعة والولاء لحكام زنادقة سفاحين ضاق بهم العباد من الأمويين والعباسيين وغيرهم.. (148) أما عن طريقة اختيار الإمام أو الخليفة فقد اختلف الفقهاء في هذا الأمر:
قال الأشعري: إن الإمامة تنعقد لمن يصلح لها بعقد رجل واحد من أهل الاجتهاد والورع إذا عقدها لمن يصلح لها. فإذا فعل ذلك وجب على الباقين طاعته.. (149)

(145) ضعف المذهب الحنبلي بعد سقوط الدولة العباسية التي كانت تدعمه بداية من عصر المتوكل، وأصبح أقل المذاهب الإسلامية شأنا. ولم يظفر الحنابلة بدولة تدعمهم بعد ذلك، كما هو حال المالكية في دول بلاد المغرب. وحال الأحناف مع العثمانيين حتى ظهرت الحركة الوهابية وآل سعود عندئذ برز الحنابلة وادعوا تمثيل أهل السنة في غيبة المذاهب الأخرى..
(146) أصول الدين. ط بيروت.
(147) المرجع السابق. وانظر كتب الفقه، وهناك شروط أخرى وضعها بعض الفقهاء مثل الحرية والبلوغ والإسلام وهي تنضم إلى الشروط الأخرى التي لم تتحقق في الحكام..
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست