مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ٤٠
ونصبه مفتيا فأفتى وظهرت مهارته في الفقه... (131) ولم يكن حكم الأتراك العثمانيين يختلف في شئ عن حكم الأمويين والعباسيين وغيرهم من الدول الجائرة المستبدة التي كان الدين بالنسبة لها مجرد شعار ولا تطبق أحكامه إلا على الرعية..
وقد أحدث السلطان مراد الأول منصب قاضي العسكر الذي كان صاحب سلطة مطلقة تجاوزت الحدود العسكرية إلى السيطرة على القضاة والفقهاء والموظفين.. (132) وخضت الهيئات الدينية والقضائية بعد عهد سليم الأول لمفتي استانبول أو ما أطلق عليه مفتي التخت السلطاني أو شيخ الإسلام، وعمل السلطان محمد الثاني وسليمان الأول على ودعم مركز شيخ الإسلام وتقوية شوكته ورفعه إلى أعلى المناصب الإدارية في الدولة.. (133) ومع بروز الحركة الوهابية الحنبلية في جزيرة العرب وإعلانها الحرب على دولة الخلافة العثمانية، استثمر العثمانيون الفقهاء في مواجهتها وإبطال دعواها..
إلا أن الحركة الوهابية رغم الضربات القاتلة التي وجهت لها على يد محمد على حاكم مصر وقواته تمكنت من الانتصار على العثمانيين في النهاية والاستقلال بجزيرة العرب وذلك بدعم آل سعود وقوى أجنبية أخرى معادية للعثمانيين على رأسهم الإنجليز... (134) والعجيب أن الأفكار الحنبلية التي تبنتها تلك الحركة لا تنص على فكرة الخروج على الحاكم تحت أي دعوى، وأن نصوص أمام الحنابلة صريحة في ذلك.. (135) والأكثر عجبا أن الوهابيين أقاموا نظام حكم في جزيرة العرب لا يمت بصلة إلى نظام الخلافة وكان أسوأ بكثير من نظام حكم العثمانيين..
وتعايش الفقهاء مع حكم آل سعود في داخل الجزيرة وفي خارجها رغم أن عقيدة أهل السنة تنص على عدم جواز البيعة والطاعة لإمامين في وقت واحد توجب قتل الإمام الثاني

(128) المرجع السابق ص‍ 146 (129) المرجع السابق ص 148.
(130) المرجع السابق ص‍ 173 أحداث عام 930 ه‍..
(131) المرجع السابق ص‍ 310..
(132) أنظر تاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان..
(133) المرجع السابق..
(134) أنظر فصل مدافع محمد بن عبد الوهاب ومدافع ابن باز..
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست