مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ٣٦
وحين برز ابن تيمية واصطدم بفقهاء عصره بسب أفكاره الشاذة في مسألة صفات الله وزيارة القبور والطلاق وغيرها من المسائل انحاز إليه بعض أمراء المماليك وعاداة الطرف الآخر، ورغم العلاقة التي كانت تربطه بالسلطان محمد بن قلاوون إلا أنه ضحى به في النهاية تحت ضغط الفقهاء والقضاة وحبسه حتى مات في الحبس.. (116) وفي عصر السلطان الناصر فرج الذي حفل بالمظالم والاضطرابات وسفك الدماء دخل فرج في صدامات مع الأمراء الخارجين عليه في الشام ولحقت به الهزيمة النكراء فاستدعى الفقهاء والقضاة وحثهم على نصرته والقيام معه فأجابوه.. (117) وحين أطيح بالناصر واستبد الأمراء بالحكم تحت ستار الخليفة المستعين، وعاد فرج للمطالبة بالحكم بقوة عسكرية. كتب المستعين والقضاة والفقهاء محضرا يحكمون بمقتضاه على الناصر فرج بالخروج عن الدين واستباحة دمه.. (118) ولما سقط الناصر فرج في قبضة الأمراء اجتمع المستعين والفقهاء من مصر والشام وقرروا جميعا الحكم بإراقة دمه، فقتل في صفر عام (815 ه‍).. (119) ثم أن القضاة الأربعة - الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي - اجتمعوا بعد ذلك بإشارة من كاتب سر السلطان المؤيد شيخ واتفقوا على خلع الخليفة المستعين.. (120) وكان حكام المماليك إذا ما خرجوا للحرب يأخذون الفقهاء معهم ضمن عناصر الجيش (121) وقد عبر ابن حجر العسقلاني عن سعادته بانتصار المستعين على المماليك واسترداده لسلطاته قبل أن يطاح به من جديد - بقصيدة طويلة تقول:
الملك فينا ثابت الأساس * بالمستعين العادل العباسي رجعت مكانة آل عم المصطفى * لمحلها من بعد طول تناسى

(114) أنظر المراجع السابقة وكتب التاريخ التي ترصد العصر المملوكي..
(115) تنص عقيدة الفقهاء وقواعد الفقه على أن الخليفة يجب أن يكون قرشيا وهو ما أشارت به الروايات..
(116) أنظر ترجمة ابن تيمية في الدور الكامنة.. وانظر تفصيل هذا الأمر في فصل مدافع ابن تيمية (117) أنظر النجوم الزاهرة ج‍ 13 والمقريزي وكتب التاريخ.
(118) أنظر المراجع السابقة، وحسن المحاضرة للسيوطي ج‍ 2، ويذكر أن المستعين قام بعزل جلال الدين البلقيني قاضي الشافعية لتحالفه مع الناصر فرج. وكان للبلقيني دور بعد ذلك في التآمر على المستعين..
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست