عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٩٣
وقال الآمدي في الأحكام: اتفق الجمهور من الأئمة على عدالة الصحابة، وقال قوم: حكمهم في العدالة حكم من بعدهم في لزوم البحث عن عدالته عند الرواية.
ويقول القرطبي: فالصحابة كلهم عدول. أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله، هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم.
ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر. فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث. وذا مردود ولا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر لحرمة الصحبة ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سبهم وأن الله غفر لهم وأخبر بالرضا عنهم.
ومن أصحابنا من قال: إن سبيل ما جرت بين الصحابة من المنازعات كسبيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف. ثم إنهم لم يخرجوا بذلك عن حد الولاية والنبوة فكذلك الأمر فيما جرى بين الصحابة، وقد سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا وعلموا وجهلنا واجتمعوا فاتبعنا. واختلفوا فوفقنا (1).
وقد استند أهل السنة في رؤيتهم هذه إلى عدة نصوص من القرآن والأحاديث منها قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) آل عمران / 110.
وقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) البقرة / 143.
وقوله: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم) الفتح / 18.

(١) الجامع لأحكام القرآن، ج 16 / 299 / 322.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست