دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٨٠
يخالف أحدا منهم إلا ابن عباس. وأما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذا فمراد قائله الزجر عن سبب التوبة لا أنه يعتقد بطلان توبته (1)..
إن قضية القتل وإراقة الدماء في تاريخ المسلمين كان لها ما يبررها على الدوام من عشرات النصوص المنسوبة للرسول (ص) والتي كان سند القوى الحاكمة وآداتها في تصفية الخصوم. ولم يكن للفقهاء من دور سوى تأويل هذه النصوص وتبرير جرائم الحكام التي ترتكب باسمها..
وهذه الرواية التي بين أيدينا واحدة من عشرات الرواية التي تتعلق بالدماء والتي شوهت صورة الإسلام وأبرزته كدين يستهين بالدماء ويعشق هدرها وهي رواية بمثابة صك من صكوك الغفران وما أكثر ما ورد منها منسوبا للرسول - لقاتل اتخذ القتل حرفة لم فلم ينل عقوبته في الدنيا ولا في الآخرة..
ومثل هذه الرواية تفتح الباب أمام المجرمين وعشاق الدماء كي يتمادوا في جرائمهم دون أن تشوب نفوسهم آية نزعة من نوازع الخشية. بل تتقوى بالاتكال على التوبة..
وإذا كان قاتل المائة قد غفر له. فكيف الحال بقاتل الخمسة أو العشرة. لا شك سوف أنه ينال جائزة..
إن منطق العقل يقول إن أحدا لا يمكن أن يقتل هذا العدد من الناس الذي ذكرته الرواية دون أن يكون له نفوذ أو سلطان. مما يدعونا إلى القول إن هذه الرواية ومثيلاتها إنما هي من صنع السياسة لتبشر الحكام بالغفران والثواب على ما ارتكبوه من جرائم في حق الرعية..
ويروى عن الرسول قوله: " لن ينجي أحدا منكم عمله ". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا. إلا أن يتغمدني الله برحمة " (2)..
وفي رواية: " إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة " (3)..

(1) مسلم. هامش باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله. كتاب التوبة..
(2) مسلم كتاب صفة القيامة والجنة والنار. والبخاري كتاب الرقاق.
(3) المرجع السابق..
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 277 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست