الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٥٠٦
إلى قورنتس. ويبدو من 9 / 5 أن أهل قورنتس يعرفونه معرفة حسنة. أما حزب المسيح، فقد عرضت آراء مختلفة جدا في شأنه: قيل إنهم مسيحيون متهودون لا يريدون أن يروا في يسوع إلا مشيح اليهود، أو إنهم العارفون من أنصار الروحية يزعمون أنهم في حكم روح المسيح وحده، ويرفضون كل تنظيم وكل جماعة كنسية الخ. لربما لم يكن لهذا الحزب من وجود، فقد تكون العبارة " وأنا مع المسيح " (1 / 12) مجرد تعليق أحد النساخ أقحم في المتن، أو رد بولس على مزاعم أعضاء تلك الأحزاب.
ولم تخل هذه الانقسامات من كل صلة بما كان في قورنتس من تأثير وإغراء لبعض الحكمة الباطنية الفلسفية الصوفية، الأمر الذي يوضح لنا لماذا جمع بولس في رسالته هذين الموضوعين: الانقسامات والحكمة المزيفة، ونقيضها في رأيه هو حكمة الصليب (1 / 10 - 3 / 4).
لا شك أن ما كان يدعو إلى القلق من هذه الحالة للجماعة، وما كان يهددها من الخطر، قد بلغت أخباره بولس، وهو مقيم في أفسس في أثناء رحلته الثالثة، على لسان ابلس أولا (رسل 19)، ثم على لسان أهل خلوة (1 / 11). ولا شك أن أخبارا مزعجة غيرها وصلته عن يد هؤلاء أيضا:
وهي مسألة الزاني الذي يخالط امرأة أبيه (5 / 1 - 13)، وتقاضي المسيحيين بعضهم لبعض لدى المحاكم الوثنية (6 / 1 - 11)، وأحداث الفجور (6 / 12 - 20)، والبلبلة في أثناء تقديس الخبز والخمر وإقامة الشعائر الدينية (11 / 2 - 34)، والضلال في عقيدة قيامة الأموات (15). وقد سأله أيضا أهل قورنتس أنفسهم أن يتدخل في حل بعض المسائل عرضوها عليه في رسالتهم. بوسعنا أن نؤكد أنهم فعلوا ذلك في موضوع البتولية والزواج. ويسوغ لنا أن نقدره في موضوع ما ذبح للأوثان:
أيجوز الأكل من ذلك اللحم أم لا (8 / 1)، ومسألة المواهب الروحية ومراتبها واستعمالها (12 / 1).
هذه الأمور هي مختلف المسائل التي تطرق إليها بولس في رسالته. أراد بولس أن يصلح ما فسد وينشر السلام والوئام في الجماعة ويجيب عن المسائل الكثيرة التي تعترض الحياة المسيحية كل يوم عند المسيحيين في قورنتس. وبوسعنا أن نجعل ربيع السنة 56 تاريخ الرسالة (راجع التلميح إلى عيد الفصح في 5 / 7 - 8).
[تصميم الرسالة وأساليب التأليف فيها] إن الجدل الذي وقع في شأن تحديد مختلف أجزاء الرسالة إلى أهل رومة، على سبيل المثال، لا أثر له مطلقا في شأن الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس. فالأمر هنا واضح، إذ أن بولس اقتصر على البحث في الموضوعات المذكورة آنفا الواحد بعد الآخر. أيمكننا أن نجمع هذه الأجزاء في أقسام أكبر؟ لقد اقترح مرات كثيرة تصميم فيه قسمان: الانقسامات وأسباب العثار من جهة واحدة (1 - 6)، وحل مختلف المسائل التي تثيرها الحياة في الجماعة من جهة أخرى (7 - 15). ولكن أترى التقاضي لدى المحاكم الوثنية " ادعى إلى العثار " من الانقسامات في أثناء حفلة تقديس الخبز والخمر (11 / 2 - 34) أو من موقف الذين يسببون العثار للضعفاء (8 / 7 - 13)؟ فالأفضل أن نسلم بأن بولس بحث في مختلف الموضوعات في هذه الرسالة وفقا للترتيب الذي فيه تبادرت إلى ذهنه، فتكون
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة