المنحة الوهبية في رد الوهابية - الطحطاوي - الصفحة ٧
فأحياء كما تقدم يرزقون فرحين مستبشرين وأما الأولياء فلأن سماعهم ورؤيتهم على وجه الكرامة وهي أمر خارق للعادة يجريه الله لعباده الصالحين وإنما نذكر لك هذا اللباب ليتضح لك أن الأنبياء والأولياء والشهداء أعلا وأسمى ولكن إذا كان سائر الناس ولو كفارا يثبت لهم ذلك تعلم ما باء به بعض الجهلة من نفي السماع والرؤية عن الأنبياء لا سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وعن الشهداء والأولياء روى البخاري أن الميت إذا دفن وتولى عنه أصحابه أنه ليسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه سلم من وجوه متعددة أنه أمر بقتلى بدر بعد أيام من موتهم فألقوا في قليب ثم بعد أيام جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان إلى آخرهم هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا فقال له عمر رضي الله عنه يا رسول الله ما تخاطب من أقوام قد جيفوا فقال والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع منهم وفي رواية لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون جوابا وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه قال النووي في شرح صحيح مسلم معناه أنه يعذب بسماعه بكاء أهله ويرق لهم وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري قال القاضي عياض وهو أولى الأقوال واحتجوا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر امرأة عن البكاء على ابنها وقال إن أحدكم إذا بكى استعير له صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم انتهى فهذا النقل يدل على أن الميت ولو من بعد يسمع بكاء أهله عليه فيوذيه ذلك ويعذبه وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول المسلم السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار بأن الميت يعرف بزيارة الحي له ويستبشر قال أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتاب القبور (باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء) حدثنا محمد بن عون حدثنا يحيى بن يمان عن عبد الله بن سمعان عن زيد بن أسلم عن عايشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»