المنحة الوهبية في رد الوهابية - الطحطاوي - الصفحة ٣
عليهم ويردون السلام ويتزاورون بينهم ويتنعمون أو يعذبون وأن النعيم والعذاب على الروح والجسد وأن أعمال الأحياء تعرض عليهم فما رأوا من خير حمدوا الله واستبشروا ودعوا لفاعله بالزيادة والثبات وإن رأو شرا دعوا الله لهم وقالوا اللهم راجع بهم إلى الطاعة واهدهم كما هديتنا وغير ذلك من أحوال أهل البرزخ لما وسعهم الإنكار فإن دار البرزخ هي نقلة من دار إلى دار وقد ثبت كل ما ذكرناه من هذه الأحوال بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وأن من لم يعتقد ذلك فقد ترك من واجب الإيمان شيئا يجعله من المبتدعين الخارجين عن سنة سيد المرسلين وملتحق من بعض الوجوه بالكفار المنكرين فإن البعث بالقيام للمحشر من أركان الإيمان الذي يكفر منكره وإنكار حياة القبر للنعيم والعذاب إنكار للبعث الأصغر الذي هو أنموذج البعث على أن هذا الجاهل المنكر لما أجمعت عليه الأمة لو قلنا بموجب قوله إن أهل القبور تكون أجسادهم ترابا لا يسمعون ولا يرون ولا يعرفون ولا نعيم ولا عذاب للأجساد يقال له إذا ثبت ذلك للروح فاالمانع من أن الروح يثبت لها ما ذكرناه من الأحوال المتقدمة وأن التشفع والتوسل والطلب منها على طريق التسبب كطلب الشفاعة والدعاء ونحو ذلك وهي حية حياة دائمة لا تفنى كما عليه جميع أهل الملل فهي أيضا يمكن لها التسبب فيما يقدره الله تعالى على يدها ولما كان هذا الحال الذي هو سبب الإنكار صار حال أكثر الناس حتى ممن يدعى العلم وهو من جنس الجهال العوام لأنه في زماننا يسمى الرجل عالما وهو ما عرف الأحاديث النبوية وتفسير الآيات القرآنية ولا اطلع على أقوال الصحابة والتابعين وآثارهم بل قصارى أمره أن يكون قراء بعض مقدمات في العلوم فوقف عندها واشتهر عند الناس أن فلانا عالم أفندي فاكتفى بذلك فصار يقول العوام قال فلان العالم كذا وكذا وهو من عقله وبهذا ذهب العلم واتخذ الناس رؤسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا كما في البخاري فوجب على من اطلع البيان فإن الناس بهذه الأحوال أقرب ما يكون إلى حال الجاهلية لأنهم إذا أنكروا نعيم القبر وعذابه وأنه على الروح والجسد على ما هو واجب الاعتقاد قال صاحب نظم الشيبانية (وأن عذاب القبر حق وأنه على الروح والجسم الذي فيه الحدا) أي ونعتقد أن عذاب القبر حق أي ونعيمه
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « تعريف الكتاب 1 مقدمة 2 1 2 3 4 5 6 7 8 9 ... » »»